وقال أبو حيان :
سورة المسد
﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ﴾
وتقدم الكلام على التباب في سورة غافر، وهنا قال ابن عباس : خابت، وقتادة : خسرت، وابن جبير : هلكت، وعطاء : ضلت، ويمان بن رياب : صفرت من كل خير، وهذه الأقوال متقاربة في المعنى.
وقالوا فيما حكى إشابة : أم تابة : أي هالكة من الهرم والتعجيز.
وإسناد الهلاك إلى اليدين، لأن العمل أكثر ما يكون بهما، وهو في الحقيقة للنفس، كقوله :﴿ ذلك بما قدمت يداك ﴾ وقيل : أخذ بيديه حجراً ليرمي به الرسول ( ﷺ )، فأسند التب إليهما.
والظاهر أن التب دعاء، وتب : إخبار بحصول ذلك، كما قال الشاعر :
جزاني جزاه الله شرّ جزائه...
جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
ويدل عليه قراءة عبد الله : وقد تب.
روي أنه لما نزل :﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ قال :" يا صفية بنت عبد المطلب، يا فاطمة بنت محمد، لا أغني لكما من الله شيئاً، سلاني من مالي ما شئتما " ثم صعد الصفا، فنادى بطون قريش :" يا بني فلان يا بني فلان " وروي أنه صاح بأعلى صوته :" "يا صباحاه".
فاجتمعوا إليه من كل وجه، فقال لهم :"أرأيتم لو قلت لكم إني أنذركم خيلاً بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟" قالوا : نعم، قال :"فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد".
فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فافترقوا عنه، ونزلت هذه السورة " وأبو لهب اسمه عبد العزى، ابن عم المطلب عم رسول الله ( ﷺ ).
وقرأ ابن محيصن وابن كثير : أبي لهب بسكون الهاء، وفتحها باقي السبعة ولم يختلفوا في ذات لهب، لأنها فاصلة، والسكون يزيلها على حسن الفاصلة.
قال الزمخشري : وهو من تغيير الأعلام، كقولهم : شمس مالك بالضم.
انتهى، يعني : سكون الهاء في لهب وضم الشين في شمس، ويعني في قول الشاعر :
وإني لمهد من ثنائي فقاصد...
به لابن عمي الصدق شمس بن مالك


الصفحة التالية
Icon