قوله تعالى ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
( بسم الله ) الجبار المتكبر المضل الهاد ( الرحمن ) الذي عم الولي والعدو بنعمة البيان بعد الإكرام بالإيجاد ( الرحيم ) الذي خص بالتوفيق أهل الوداد.
لما قدم سبحانه وتعالى في سورة النصر القطع بتحقيق النصر لأهل هذا الدين بعد ما كانوا فيه من الذلة، والأمر الحتم بتكثيرهم بعد الذي مر عليهم مع الذلة من القلة، وختمها بأنه التواب، وكان أبو لهب - من شدة العناد لهذا الدين والأذى لإمامة النبي ـ ﷺ ـ سيد العالمين مع قربه منه - بالمحل الذي لا يجهل، بل شاع واشتهر، وأحرق الأكباد وصهر، كان بحيث يسأل عن حاله إذ ذاك هل يثبت عليه أو يذل، فشفى غلَّ هذا السؤال، وأزيل بما يكون له من النكال، وليكون ذلك بعد وقوع الفتح ونزول الظفر والنصر، والإظهار على الأعداء بالعز والقهر، مذكراً له ـ ﷺ ـ بما كان أول الأمر من جبروتهم وأذاهم وقوتهم بالعَدد والعُدد، وأنه لم يغن عنهم شيء من ذلك، بل صدق الله وعده في قوله سبحانه وتعالى ﴿قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جنهم وبئس المهاد﴾ [ آل عمران : ١٢ ] وكذبوا فيما كانوا فيه من التعاضد والتناصر والتحالف والتعاقد، فذكر تعالى أعداهم له وأقربهم إليه في النسب إشارة إلى أنه لا فرق في تكذيبه لهم بين القريب والبعيد.


الصفحة التالية
Icon