وتدافعوا، فقام ابن عباس ليحجز بينهم، فدفعه أحدهم، فوقع على فراشه، وكان قد كف بصره فغضب وصاح : أخرجوا عني الكسب الخبيث، وقرأ الأعمش وأبي بن كعب :" وما اكتسب " وقوله :﴿ سيصلى ناراً ذات لهب ﴾ حتم عليه بالنار وإعلام بأنه يوافي على كفره، وانتزع أهل الأصول من هذه الآية تكليف ما لا يطاق، وأنه موجود في قصة أبي لهب، وذلك أنه مخاطب مكلف أن يؤمن بمحمد ﷺ، ومكلف أن يؤمن بهذه السورة وصحتها، فكأنه قد كلف أن يؤمن، وأن يؤمن أنه لا يؤمن، قال الأصوليون ومتى ورد تكليف ما لا يطاق فهي أمارة من الله تعالى أنه قد حتم عذاب ذلك المكلف كقصة ﴿ أبي لهب ﴾، وقرأ الجمهور " سيَصلى " بفتح الياء، وقرأ ابن كثير والحسن وابن مسعود بضمها، وقوله تعالى :﴿ وامرأته حمالة الحطب ﴾ هي أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب عمة معاوية بن أبي سفيان، وعطف قوله ﴿ وامرأته ﴾ على المضمر المرفوع دون أن يؤكد الضمير بسبب الحائل الذي ناب مناب التأكيد، وكانت أم جميل هذه مؤذية لرسول الله ﷺ وللمؤمنين بلسانها وغاية قدرتها، وقال ابن عباس : كانت تجيء بالشوك فتطرحه في طريق النبي ﷺ وطريق أصحابه ليعقرهم، فلذلك سميت ﴿ حمالة الحطب ﴾، وعلى هذا التأويل، ف ﴿ حمالة ﴾ معرفة يراد به الماضي، وقيل إن قوله ﴿ حمالة الحطب ﴾ استعارة لذنوبها التي تحطبها على نفسها لآخرتها، ف ﴿ حمالة ﴾ على هذا نكرة، يراد بها الاستقبال، وقيل هي استعارة لسعيها على الدين والمؤمنين، كما تقول : فلان يحطب على فلان وفي حبل فلان، فكانت هي تحطب على المؤمنين وفي حبل المشركين، وقال الشاعر :[ الرجز ]


الصفحة التالية
Icon