وقيل : المراد باليدين نفسه.
وقد يعبَّر عن النفس باليد.
كما قال الله تعالى :﴿ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ ﴾ [ الحج : ١٠ ] أي نفسك.
وهذا مَهْيَع كلامِ العرب ؛ تعبِّر ببعض الشيء عن كله ؛ تقول : أصابته يد الدهر، ويد الرزايا والمنايا ؛ أي أصابه كل ذلك.
قال الشاعر :
لَمَّا أَكَبَّتْ يَدُ الرَّزَايا...
عَلَيهِ نادَى ألاَ مُجِيرُ
﴿ وَتَبَّ ﴾ قال الفرّاء : التبُّ الأول : دعاء والثاني خبر، كما يقال : أهلكه الله وقد هلك.
وفي قراءة عبد الله وأبيّ "وَقَدْ تَبَّ".
وأبو لهب اسمه عبد العُزَّى، وهو ابن عبد المطلب عمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وامرأته العوراء أم جميل، أخت أبي سفيان بن حرب، وكلاهما، كان شديد العداوة للنبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال طارق بن عبد الله المحاربيّ : إني بسوق ذي المجَاز، إذ أنا بإنسان يقول :" يا أيها الناس، قولُوا لا إله إلاّ الله تُفْلِحُوا "، وإذا رجل خلفه يرميه، قد أدمى ساقيه وعرقوبيه ويقول : يا أيها الناس، إنه كذاب فلا تصدقوه.
فقلت : مَنْ هذا؟ فقالوا : محمد، زعم أنه نبي.
وهذا عمه أبو لهب يزعم أنه كذاب.
وروى عطاء عن ابن عباس قال : قال أبو لهب : سَحَركم محمد! إن أحدنا ليأكل الجَذَعة، ويشرب العُسّ من اللبن فلا يشبع، وإن محمداً قد أشبعكم من فخِذ شاة، وأرواكم من عُسّ لبن.
الثانية : قوله تعالى :﴿ أَبِي لَهَبٍ ﴾ قيل : سمي باللَّهب لحسنه، وإشراق وجهه.
وقد ظن قوم أن في هذا دليلاً على تكنِية المشرك ؛ وهو باطل، وإنما كناه الله بأبي لهب عند العلماء لمعان أربعة : الأول : أنه كان اسمه عبد العزى، والعُزَّى : صنم، ولم يضف الله في كتابه العبودية إلى صنم.
الثاني : أنه كان بكنيته أشهر منه باسمه ؛ فصرح بها.


الصفحة التالية
Icon