السؤال الثالث : لم قال ههنا :﴿لَمْ يَلِدْ﴾ وقال في سورة بني إسرائيل :﴿وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً﴾ [ الإسراء : ١١١ ] الجواب : أن الولد يكون على وجهين : أحدهما : أن يتولد منه مثله وهذا هو الولد الحقيقي والثاني : أن لا يكون متولداً منه ولكنه يتخذه ولداً ويسميه هذا الاسم، وإن لم يكن ولداً له في الحقيقة، والنصارى فريقان : منهم من قال : عيسى ولد الله حقيقة، ومنهم من قال : إن الله اتخذه ولداً تشريفاً له، كما اتخذ إبراهيم خليلاً تشريفاً له، فقوله :﴿لَمْ يَلِدْ﴾ فيه إشارة إلى نفي الوالد في الحقيقة، وقوله :﴿لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ إشارة إلى نفي القسم الثاني، ولهذا قال :﴿لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِى الملك﴾ [ الإسراء : ١١١ ] لأن الإنسان قد يتخذ ولداً ليكون ناصراً ومعيناً له على الأمر المطلوب، ولذلك قال في سورة أخرى :﴿وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الغنى﴾ [ يونس : ٦٨ ] وإشارة إلى ما ذكرنا أن اتخاذ الولد إنما يكون عند الحاجة.
السؤال الرابع : نفي كونه تعالى والداً ومولوداً، هل يمكن أن يعلم بالسمع أم لا، وإن كان لا يمكن ذلك فما الفائدة في ذكره ههنا ؟ الجواب : نفي كونه تعالى والداً مستفاد من العلم بأنه تعالى ليس بجسم ولا متبعض ولا منقسم، ونفي كونه تعالى مولوداً مستفاد من العلم بأنه تعالى قديم، والعلم بكل واحد من هذين الأصلين متقدم على العلم بالنبوة والقرآن، فلا يمكن أن يكونا مستفادين من الدلائل السمعية.


الصفحة التالية
Icon