وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ هُو اللهُ أَحَدٌ ﴾
اختلف في سبب نزول هذه الآية على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن اليهود قالوا للنبي ﷺ هذا الله خَلَق الخلْق، فمن خلَقَ الله؟ فنزلت هذه السورة جواباً لهم، قاله قتادة.
الثاني : أن مشركي قريش قالوا لرسول الله ﷺ انسب لنا ربك، فأنزل الله هذه السورة، وقال : يا محمد انسبني إلى هذا، وهذا قول أُبي بن كعب.
الثالث : ما رواه أبو روق عن الضحاك أن المشركين أرسلوا عامر بن الطفيل إلى رسول الله ﷺ فقالوا : قل له شققت عصانا وسببت آلهتنا وخالفت دين آبائك، فإن كنت فقيراً أغنيناك وإن كنت مجنوناً داويناك، وإن هويت امرأة زوجناكها، فقال رسول الله ﷺ :" لست بفقير ولا مجنون ولا هويت امرأة، أنا رسول الله إليكم، أدعوكم من عبادة الأصنام إلى عبادته "، أرسلوه ثانية وقالوا له : قل له بيّن لنا جنس معبودك، فأنزل الله هذه السورة، فأرسلوه ثالثة وقالوا : قل له لنا ثلاثمائة وستون صنماً لا تقوم بحوائجنا، فكيف يقوم إله واحِد بحوائج الخلق كلهم؟ فأنزل الله سورة الصافات إلى قوله ﴿ إن إلهاكم لواحد ﴾ يعني في جميع حوائجكم، فأرسلوه رابعة وقالوا : قل له بيّن لنا أفعال ربك، فأنزل الله تعالى :﴿ إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض ﴾ الآية، وقوله ﴿ الذي خلقكم ثم رزقكم ﴾.
﴿ قل هو الله أحد ﴾ خرج مخرج جواب السائل عن الله تعالى، فقال لرسوله ﷺ ﴿ قل هو اللهُ أحَدٌ ﴾ والأحد : هو المتفرد بصفاته الذي لا مِثل له ولا شبه.
فإن قيل : فلم قال " أحَدٌ " على وجه النكرة، ولم يقل الأحَدُ؟ قيل عنه جوابان :
أحدهما : أنه حذف لام التعريف على نية إضمارها فصارت محذوفة في الظاهر، مثبتة في الباطن، ومعناه قل هو الله الأحد.
الثاني : أنه ليس بنكرة، وإنما هو بيان وترجمة، قاله المبرد.


الصفحة التالية
Icon