وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ﴾
أي الواحد الوِتر، الذي لا شبيه له، ولا نظير ولا صاحبة، ولا ولد ولا شريك.
وأصل "أَحَدٌ" : وَحَدٌ ؛ قُلِبت الواو همزة.
ومنه قول النابغة :
بذِي الجَلِيلِ عَلى مُسْتَأْنِسٍ وَحَدِ...
وقد تقدّم في سورة "البقرة" الفرق بين واحِد وأَحَدٍ، وفي كتاب "الأَسْنَى، في شرح أسماء الله الحسنى" أيضاً مُسْتَوفًى.
والحمدُ لله.
و﴿ أَحَدٌ ﴾ مرفوع، على معنى : هو أَحدٌ.
وقيل : المعنى : قل : الأمرُ والشأن : اللَّهُ أَحَد.
وقيل :"أَحَد" بدل من قوله :"الله".
وقرأ جماعة "أَحَدُ اللَّه" بلا تنوين، طلباً للخفة، وفراراً منِ التقاء الساكنين ؛ ومنه قول الشاعر :
ولا ذاكرَ اللَّهَ إلاّ قَلِيلاَ...
﴿ الله الصمد ﴾ أي الذي يُصْمَد إليه في الحاجات.
كذا رَوَى الضحاك عن ابن عباس، قال : الذي يُصْمَد إليه في الحاجات ؛ كما قال عز وجل :﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضر فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [ النحل : ٥٣ ].
قال أهل اللغة : الصمد : السيد الذي يُصْمد إليه في النوازل والحوائج.
قال :
أَلاَ بَكَّر الناعِي بِخيرِ بنِي أَسَدْ...
بعمرِو بن مَسْعُودٍ بالسيدِ الصَّمَد
وقال قوم : الصَّمَدُ : الدائم الباقي، الذي لم يزل ولا يزال.
وقيل : تفسيره ما بعده ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾.
قال أُبَيُّ بنُ كَعْب : الصَّمَدُ : الذي لا يلِدُ ولا يُولَد ؛ لأنه ليس شيء إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا يُورث.
وقال عليّ وابن عباس أيضاً وأبو وائل شقِيق بن سلمة وسفيان : الصَّمَد : هو السيد الذي قد انتهى سُودَدُه في أنواع الشرف والسُّودَد ؛ ومنه قول الشاعر :
عَلَوتُهُ بحُسامٍ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ...
خُذْهَا حُذَيفَ فأنتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ
وقال أبو هريرة : إنه المستغنِي عن كل أحد، والمحتاج إليه كل أحد.
وقال السدّيّ : إنه : المقصود في الرغائب، والمستعان به في المصائب.