وقال الحسين بن الفضل : إنه الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
وقال مقاتل : إنه : الكامل الذي لا عيب فيه ؛ ومنه قول الزبرِقان :
سِيروا جميعاً بِنِصفِ الليلِ واعتمِدُوا...
ولا رَهِينةَ إلاّ سَيِّدٌ صَمَدُ
وقال الحسن وعِكرمة والضحاك وابن جُبير : الصَّمَد : المُصْمَتُ الّذي لا جَوْف له ؛ قال الشاعر :
شِهابُ حُرُوبٍ لا تَزالُ جِيادُه...
عَوَابِسَ يَعْلُكْن الشكِيمَ المُصَمَّدا
قلت : قد أتينا على هذه الأقوال مبينة في الصَّمَد، في ( كتاب الأَسنَى ) وأن الصحيح منها ما شهد له الاشتقاق ؛ وهو القول الأوّل، ذكره الخَطَّابي.
وقد أسقط مِن هذه السورة من أبعده الله وأخزاه، وجعل النار مقامه ومثواه، وقرأ "اللَّهُ الواحدُ الصَّمَدُ" في الصلاة، والناس يستمعون، فأَسْقَط :"قُلْ هو"، وزعم أنه ليس من القرآن.
وغيَّر لفظ "أَحَدٍ"، وادعى أن هذا هو الصواب، والذي عليه الناس هو الباطل والمحال ؛ فأبطل معنى الآية ؛ لأن أهل التفسير قالوا : نزلت الآية جواباً لأهل الشرك لما قالوا لرسول الله ﷺ : صِفْ لَنَا رَبَّك، أمِن ذهب هو أم مِن نحاس أم مِن صُفْر؟ فقال الله عز وجل رداً عليهم :﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ﴾ ففي "هُوَ" دلالة على موضع الردّ، ومكان الجواب، فإذا سقط بطل معنى الآية، وصح الافتراء على الله عز وجل، والتكذيب لرسوله صلى الله عليه وسلم.
ورَوى الترمذي عن أُبيّ بن كعب : أن المشركين قالوا لرسول الله ﷺ : انْسُبْ لنا ربك ؛ فأنزل الله عز وجل :﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ * الله الصمد ﴾.
والصَّمَد : الذي لم يلد ولم يُولَد ؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وأن الله تعالى لا يموت ولا يورث.
﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ : قال : لم يكن له شبيه ولا عدْل، وليس كمثله شيء.


الصفحة التالية
Icon