ولما اشتملت هذه السورة على التقديس وازنها الرسول بثلث القرآن وسبب نزولها، قال ابن عباس، قالت قريش صف لنا ربك الذي تدعوا اليه فأنزل اللّه هذه السورة أي أن الذي سألتموني عنه هو اللّه أحد إلخ "اللَّهُ الصَّمَدُ ٢" الذي يصمد اليه كل مخلوق، الغني عن كل شيء وهو من صفات الكمال، روى البخاري في أفراده عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال الصمد السيد الذي انتهى سؤدده وفي راوية عن ابن عباس السيد الذي كمل فيه جميع أوصاف السؤدد وهو السيد المقصود في جميع الحوائج المرغوب اليه في الرغائب المستعان به عند المصائب وتفريج الكروب.
ومعناه لغة هو الذي لا جوف له والشيء
الصمد الصلب الذي ليس فيه رطوبة ولا رخاوة، وهذه من صفات الأجسام تعالى اللّه عنها، ووجهه على هذا أن الصمد الذي لا يأكل ولا يشرب وهو الغني عن كل شيء فعلى هذا الاعتبار يكون أيضا من صفات الكمال، والقصد من قوله الصمد التنبيه على أنه تعالى بخلاف من أثبتوا، له الإلهية واليه الإشارة بقوله (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) الآية ٧٥ من سورة المائدة في ج ٣، وقالوا الصمد الذي ليس بأجوف شيئان أحدهما دون الإنسان وأسفل منه وهو سائر الجمادات الصلبة، والثاني أشرف من الإنسان وأعلى وأكمل منه وهو الباري جل جلاله، وقال أبيّ ابن كعب هو الذي "لَمْ يَلِدْ" أحدا "وَلَمْ يُولَدْ" منه أحد، وفيه رد على قول العرب القائلين أن الملائكة بنات اللّه، وعلى اليهود القائلين أن عزيرا ابن اللّه وعلى النصارى القائلين ان المسيح ابن اللّه، راجع تفسير الآية ٢٧ من سورة التوبة في ج ٣ تر تكذيب زعمهم وافترائهم.