﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾
وهذا تنزيه للّه عن أن يكون له ولد أو بنت أو والد أو أم، أما كونه لا ولد له فهذا رد على المشركين الذين يقولون : الملائكة بنات اللّه، وعلى النصارى واليهود الذين يقولون : العزير والمسيح أبناء اللّه، ولم يكن اللّه مولودا كما قالت النصارى : المسيح ابن اللّه ثم عبدوه كأبيه، أما استحالة أن يكون له ولد فإن الولد يقتضى انفصال جزء من أبيه وهذا بلا شك يقتضى التعدد والحدوث ومشابهة المخلوقات، على أنه غير محتاج إلى الولد فهو الذي خلق الكون وهو الذي فطر السموات والأرض وهو الذي يرثهما.
أما استحالة كونه مولودا فهي من البديهيات الظاهرة لاحتياج الولد إلى والد ووالدة، وإلى ثدي ومرضعة، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ نعم ما دام واحدا في ذاته ليس متعددا، وليس والدا لأحد ولا مولودا لأحد، فليس يشبه أحدا من خلقه، وليس له مثيل أو نظير أو ند أو شريك سبحانه وتعالى عما يشركون.
وهذه السورة مع وجازتها ردت على مشركي العرب وعلى النصارى واليهود كما مر وأبطلت مذهب المانوية القائلين بالنور والظلمة، وعلى النصارى القائلين بالتثليث، وأبطلت مذهب الصابئة الذين يعبدون النجوم والأفلاك، وردت على مشركي العرب الذين زعموا أن غيره يقصد عند الحوائج، وأن له شريكا تعالى اللّه عن ذلك كله.
وتسمى هذه السورة سورة الإخلاص، لأنها تضمنت إثبات وحدانية اللّه، وأنه لا شريك له، وأنه هو المقصود وحده في قضاء الحوائج، وأنه لم يلد ولم يولد، وأنه لا مثيل له ولا نظير، وهذا يقتضى الإخلاص في عبادة اللّه وحده، أو الاتجاه إليه وحده. أ هـ ﴿التفسير الواضح حـ ٣ صـ ٩١٩ ـ ٩٢٠﴾


الصفحة التالية
Icon