في أحد وجهان أحدهما : أنه بمعنى واحد، قال الخليل : يجوز أن يقال : أحد اثنان وأصل أحد وحد إلا أنه قلبت الواو همزة للخفيف وأكثر ما يفعلون هذا بالواو المضمومة، والمكسورة كقولهم : وجوه وأجوه وسادة وأسادة والقول الثاني : أن الواحد والأحد ليسا اسمين مترادفين قال الأزهري : لا يوصف شيء بالأحدية غير الله تعالى لا يقال : رجل أحد ولا درهم أحدكما يقال : رجل واحد أي فرد به بل أحد صفة من صفات الله تعالى استأثر بها فلا يشركه فيها شيء.
ثم ذكروا في الفرق بين الواحد والأحد وجوهاً أحدها : أن الواحد يدخل في الأحد والأحد لا يدخل فيه وثانيها : أنك إذا قلت : فلان لا يقاومه واحد، جاز أن يقال : لكنه يقاومه اثنان بخلاف الأحد، فإنك لو قلت : فلان لا يقاومع أحد لا يجوز أن يقال : لكنه يقاومه اثنان وثالثها : أن الواحد يستعمل في الإثبات والأحد في النفي، تقول في الإثبات رأيت رجلاً واحداً وتقول في النفي : ما رأيت أحداً فيفيد العموم.
المسألة الخامسة :
اختلف القراء في قوله :﴿أَحَدٌ الله الصمد﴾ فقراءة العامة بالتنوين وتحريكه بالكسر هكذا أحدن الله، وهو القياس الذي لا إشكال فيه، وذلك لأن التنوين من أحد ساكن ولام المعرفة من الله ساكنة، ولما التقى ساكنان حرك الأول منهما بالكسر، وعن أبي عمرو، أحد الله بغير تنوين، وذلك أن النون شابهت حروف اللين في أنها تزاد كما يزدن فلما شابهتها أجريت مجراها في أن حذفت ساكنة لالتقاء الساكنين كما حذفت الألف والواو والياء لذلك نحو غزا القوم ويغزو القوم، ويرمي القوم، ولهذا حذفت النون الساكنة في الفعل نحو :﴿لَمْ يَكُ﴾ [ الأنفال : ٥٣ ] ﴿فَلاَ تَكُ فِى مِرْيَةٍ﴾ [ هود : ١٧ ] فكذا ههنا حذفت في ( أحد الله ) لالتقاء الساكنين كما حذفت هذه الحروف.


الصفحة التالية
Icon