" إن رجلاً من اليهود سحرك، عقد لك عقداً في بئر كذا وكذا، أو قال : فطرحه في بئر رجل من الأنصار، فأرسل رسول الله ـ ﷺ ـ فاستخرجوها فجيء بها فحلها رسول الله ـ ﷺ ـ، فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة، فقام رسول الله ـ ﷺ ـ كأنما نشط من عقال " فما ذكر ذلك لذلك اليهودي ولا رآه في وجهه قط، وفي رواية : فأتاه ملكان يعوذانه فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجله فقال أحدهما : أتدري ما وجعه؟ قال : كأن الذي يدخل عليه عقد له وألقاه في بئر، فأرسل إليه رجلاً، وفي رواية : علياً ـ رضى الله عنه ـ، فأخذ العقد فوجد الماء قد اصفر، قال : فأخذ العقد فحلها فبرأ، فكان الرجل بعد ذلك يدخل على النبي ـ ﷺ ـ فلم يذكر له شيئاً ولم يعاتبه فيه، وهذا الفضل لمنفعة المعوذتين كما منح الله به رسوله ـ ﷺ ـ فكذا تفضل به على سائر أمته، وروى أبو داود والترمذي وقال : حسن صحيح - والنسائي مسنداً أو مرسلاً - قال النووي : بالأسانيد الصحيحة - عن عبد الله بن خبيب ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ ﷺ ـ :" اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثة مرات - يكفيك كل شيء " والأحاديث في فضل هذه السور الثلاث كثيرة جداً، وجعل التعويذ في سورتين إشارة إلى استحباب تكريره، وجعلتا إحدى عشرة آية ندباً إلى تكثيره في تكريره، وقدمت الفلق التي خمس آيات مع ما مضى المناسبات لأن اقترانها بسورة التوحيد أنسب، وشفعها بسورة الناس التي هي ست آيات أنسب، ليكون الشفع بالشفع، والابتداء بالوتر بعد سورة الوتر، وحاصل هذه السورة العظمى في معناها الأبدع الأسمى الاستعاذة بالله بذكر اسمه ﴿الرب﴾ المقتضي للإحسان والتربية بجلب النعم ودفع النقم من شر ما خلق ومن السحر والحسد، كما كان أكثر البقرة المناظرة لها في رد المقطع على المطلع


الصفحة التالية
Icon