﴿يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبّ العالمين﴾ [ المطففين : ٦ ] والقراءة في الصلاة تذكر قراءة الكتب والركوع في الصلاة يذكر من القيامة قوله :﴿نَاكِسُواْ رُؤُوسَهُمْ﴾ [ السجدة : ١٢ ] والسجود في الصلاة يذكر قوله :﴿وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ﴾ [ القلم : ٤٢ ] والقعود يذكر قوله :﴿وترى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾ [ الجاثية : ٢٨ ] فكان العبد يقول : إلهي كما خلصتني من ظلمة الليل فخلصني من هذه الأهوال، وإنما خص وقت صلاة الصبح لأن لها مزيد شرف على ما قال :﴿إن قرآن الفجر كان مشهوداً﴾ [ الإسراء : ٧٨ ] أي تحضرها ملائكة الليل والنهار الثامن : أنه وقت الاستغفار والتضرع على ما قال :﴿والمستغفرين بالأسحار﴾ [ آل عمران : ١٧ ] القول الثاني : في الفلق أنه عبارة عن كل ما يفلقه الله كالأرض عن النبات :﴿إِنَّ الله فَالِقُ الحب والنوى﴾ [ الأنعام : ٩٥ ] والجبال عن العيون :﴿وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأَنهار﴾ [ البقرة : ٧٤ ] والسحاب عن الأمطار والأرحام عن الأولاد والبيض عن الفرخ والقلوب عن المعارف، وإذا تأملت الخلق تبين لك أن أكثره عن انقلاب، بل العدم كأنه ظلمة والنور كأنه الوجود، وثبت أنه كان الله في الأزل ولم يكن معه شيء ألبتة فكأنه سبحانه هو الذي فلق بحار ظلمات العدم بأنوار الإيجاد والتكوين والإبداع، فهذا هو المراد من الفلق، وهذا التأويل أقرب من وجوه أحدها : هو أن الموجود إما الخالق وإما الخلق، فإذا فسرنا الفلق بهذا التفسير صار كأنه قال : قل أعوذ برب جميع الممكنات، ومكون كل المحدثات والمبدعات فيكون التعظيم فيه أعظم، ويكون الصبح أحد الأمور الداخلة في هذا المعنى وثانيها : أن كل موجود إما واجب لذاته أو ممكن لذاته، والممكن لذاته يكون موجوداً بغيره، معدوماً في حد ذاته، فإذن كل ممكن فلا بد له من مؤثر يؤثر فيه حال حدوثه ويبقيه حال بقائه، فإن الممكن حال بقائه يفتقر إلى المؤثر


الصفحة التالية
Icon