وقال ابن الجوزى :
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) ﴾
وفيها قولان.
أحدهما : مدنية رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة في آخرين.
والثاني : مكية رواه كريب عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وعطاء، وعكرمة، وجابر.
والأول أصح، ويدل عليه أن رسول الله ﷺ سحر وهو مع عائشة، فنزلت عليه المعوذتان.
فذكر أهل التفسير في نزولهما :" أن غلاماً من اليهود كان يخدم رسول الله ﷺ، فلم يزل به اليهود حتى أخذ مُشَاطة رأس رسول الله ﷺ، وعِدَّة أسنانٍ من مُشْطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها.
وكان الذي تولَّى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي.
ثم دسَّها في بئر لبني زريق، يقال لها : بئر ذروان.
ويقال : ذي أروان، فمرض رسول الله ﷺ، وانتشر شعر رأسه، وكان يرى أنه يأتي النساء وما يأتيهن، ويخيَّل إليه أنه يفعل الشيء، وما يفعله، فبينا هو ذات يوم نائم أتاه مَلَكان، فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر : ما بال الرجل؟ قال : طُبَّ.
قال : وما طُبَّ؟ قال : سُحِر.
قال : ومن سَحَره؟ قال : لبيد بن أعصم.
قال : وبم طَبَّه؟ قال : بمُشْط ومُشَاطة.
قال : وأين هو؟ قال في جُفِّ طلعةٍ تحت راعوفة في بئر ذروان والجف : قشر الطلع.
والراعوفة : صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت.
فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المنقِّي عليها، فانتبه رسول الله ﷺ فقال : يا عائشة أما شعرتِ أن الله أخبرني بدائي، ثم بعث علياً، والزبير، وعمار بن ياسر، فنزحوا ماء تلك البئر، ثم رفعوا الصخرة، وأخرجوا الجُفَّ، وإذا فيه مُشَاطة رأسه، وأسنان مشطه، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة [ مغروزة بالإبرة، فأنزل الله تعالى المعوذتين، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ].