الثانية : ثبت في الصحيحين من حديث عائشة :" أن النبيّ ﷺ سحره يهوديّ من يهود بني زُرَيْق، يقال له لَبِيدُ بن الأَعْصم، حتى يخيلُ إليه أنه كان يفعل الشيء ولا يفعله، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث في غير الصحيح : سنة ثم قال :"يا عائشة، أُشْعرت، أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه.
أتاني ملكان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رِجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي : ما شأن الرجل؟ قال : مَطْبوب.
قال ومَنْ طَبَّهُ؟ قال لَبيد بن الأَعصم.
قال في ماذا؟ قال : في مُشْطٍ ومُشاطة وجفّ طلعةٍ ذكر، تحت راعوفة في بئر ذي أَوْران" فجاء البئر واستخرجه " انتهى الصحيح.
وقال ابن عباس :" أما شَعَرْتِ يا عائشة أن الله تعالى أخبرني بدائي" ثم بعث علِياً والزبير وعمار بن ياسر، فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء، ثم رفعوا الصخرة وهي الراعوفة صخرة تترك أسفل البئر يقوم عليها المائح، وأخرجوا الجُفّ، فإذا مُشَاطة رأس إنسان، وأسنان من مُشْط، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر، فأنزل الله تعالى هاتين السورتين، وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العُقْد، وأمر أن يُتَعَوَّذ بهما ؛ فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، ووجد النبيّ ﷺ خِفّة، حتى انحلت العقدة الأخيرة، فكأنما أُنشِط من عِقال، وقال : ليس به بأس.
وجعل جبريل يَرْقِي رسول الله ﷺ فيقول :"باسم الله أَرْقِيك، من كل شيء يؤذيك، من شر حاسدٍ وعَيْن، والله يَشْفِيك".
فقالوا : يا رسول الله، ألا نقتل الخبيث.
فقال :"أمّا أنا فقد شفاني الله، وأكره أن أثيرَ على الناس شَرًّا "
وذكر القشيري في تفسيره أنه ورد في الصِّحاح : أن غلاماً من اليهود كان يخدُم النبيّ ﷺ، فدسَّتْ إليه اليهود، ولم يزالوا به حتى أَخَذ مُشاطة رأس النبيّ صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon