سِرًّا وقدْ أَوَّنَ تَأْوِين العُقُقْ
قلت : هذا القول يشهد له الاشتقاق ؛ فإن الفَلْق الشق.
فَلقْت الشيء فلقاً أي شققته.
والتفليق مثله.
يقال : فَلقته فانفلق وتَفَلَّق.
فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونَوًى وماء فهو فَلَق ؛ قال الله تعالى :﴿ فَالِقُ الإصباح ﴾ [ الأنعام : ٩٦ ] قال :﴿ فَالِقُ الحب والنوى ﴾ [ الأنعام : ٩٥ ].
وقال ذو الرمّة يصف الثور الوَحْشِيّ :
حَتَّى إذَا ما انْجَلَى عن وجهِه فَلَقٌ...
هادِيهِ في أُخْرَيَاتِ اللَّيلِ مُنْتَصِبُ
يعني بالفلق هنا : الصبح بعينه.
والفلق أيضاً : المطمئن من الأرض بين الربْوتين، وجمعه ؛ فُلْقان ؛ مثل خَلَق وخُلْقان.
وربما قالوا : كان ذلك بفالق كذا وكذا ؛ يريدون المكان المنحدر بين الربوتين.
والفلَق أيضاً مِقطرة السَّجان.
فأما الفِلْق ( بالكسر ) : فالداهية والأمر العجب ؛ تقول منه : أفلق الرجل وافتلق.
وشاعر مُفْلِق، وقد جاء بالفِلْق ( أي بالداهية ).
والفِلْق أيضاً : القضيب يُشَقُّ باثنين، فيعمل منه قَوْسان ؛ يقال لكل واحدة منهما فِلْق.
وقولهم ؛ جاء بعُلَقَ فُلَق ؛ وهي الداهية ؛ لا يُجرى مُجرَى عُمر.
يقال منه : أعلقت وأفلقت ؛ أي جئت بعُلَق فُلَقَ.
ومرّ يفتلق في عدوِه ؛ أي يأتي بالعجب من شدّته.
وقوله تعالى :﴿ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ قيل : هو إبليس وذرّيته.
وقيل جهنم.
وقيل : هو عامّ ؛ أي من شر كل ذي شر خلقه الله عز وجل.
الخامسة : قوله تعالى :﴿ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾ اختُلف فيه ؛ فقيل : هو الليل.
والغَسَق : أوّل ظلمة الليل ؛ يقال منه : غَسَق الليلُ يَغْسِق أي أظلم.
قال ( ابن ) قيس الرقيات :
إِنَّ هَذَا الليلَ قد غَسَقا...
واشْتكَيْتُ الهمَّ والأَرَقَا
وقال آخر :
يا طيفَ هِندٍ لَقَدْ أَبْقَيت لِي أَرَقاً...
إِذْ جِئتنا طارِقاً والليلُ قَدْ غَسَقَا
هذا قول ابن عباس والضحاك وقتادة والسُّدّيّ وغيرهم.