وقاعدتنا فى هذا الباب أصح القواعد إن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانت مأثورة أثرا يصح التمسك به لم يكره شىء من ذلك بل يشرع ذلك كله كما قلنا فى أنواع صلاة الخوف وفى نوعى الأذان الترجيع وتركه ونوعى الاقامة شفعها وإفرادها وكما قلنا فى أنواع التشهدات وأنواع الاستفتاحات وأنواع الإستعاذات وأنواع القراءات وأنواع تكبيرات العيد الزوائد وأنواع صلاة الجنازة وسجود السهو والقنوت قبل الركوع وبعده والتحميد باثبات الواو
وحذفها وغير ذلك لكن قد يستحب بعض هذه المأثورات ويفضل على بعض اذا قام دليل يوجب التفضيل ولا يكره الآخر
أهـ ﴿مجموع الفتاوى حـ ٢٤ صـ ٢٤٢ ـ ٢٤٣﴾
وهذا كلام نفيس للسيوطى ذكره فى كتابه النفيس الأشباه والنظائر فى قاعدة الاجتهاد لاينقض بالاجتهاد
قال رحمه الله :
أفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ الْمَعْلُومَ الْمَذْهَبِ إذَا حَكَمَ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ وَكَانَ لَهُ رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ، أَوْ وَقَعَ الشَّكُّ فِيهِ.
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ فَيُنْقَضُ حُكْمُهُ.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : إذَا كَانَ الْحَاكِمُ شَافِعِيًّا وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ فِي قَضِيَّةٍ أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ جَازَ.
وَمَنَعَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِتَوَجُّهِ التُّهْمَةِ إلَيْهِ، وَلِأَنَّ السِّيَاسَةَ تَقْتَضِي مُدَافَعَةَ اسْتِقْرَارِ الْمَذَاهِبِ وَتَمْيِيزَ أَهْلِهَا.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ : لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ، فَإِنْ فَعَلَ نُقِضَ لِفَقْدِ الِاجْتِهَادِ فِي أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ. أ هـ ﴿الأشباه والنظائر للسيوطى حـ ١ صـ ١٣٢﴾
بعد هذا الكلام النفيس هل يليق بث الفرقة والخلاف وشق وحدة الأمة بهذه الفرعيات المختلف فيها ؟ ؟ !!
من المعلوم عند أهل العلم أن المسألة إذا دخلت دائرة الاختلاف الفقهى بين العلماء فقد دخلت دائرة الرحمة
قال سفيان ـ الثورى رحمه الله ـ :
إن الله لا يعذب أحدا على ما اختلف فيه العلماء
ما قيمت هذه الخلافات ؟ وما جدواها ؟ ولمصلحة من ؟ ؟!!!
لماذا لا يسعنا ما وسع أسلافنا ؟ ؟!!!
إن الأمة عاشت أزهى العصور وأبهى القرون فى ظل اختلافات المذاهب الأربعة التى وحدت الأمة، وجمعتها على الحق.
فهل نحن الآن بحاجة إلى أمثال هذه الخلافات والترهات. ؟ !
لو كان الخلاف اليوم عن علم لما فرق الأمة.
إن المسائل التى يختلف فيها البعض اليوم ويجعل منها قضايا تفرق الأمة لو دققنا فيها النظر لوجدناها أقرب إلى إماطة الأذى عن الطريق والتى اعتبرها رسول الله ـ ﷺ ـ أدنى شعب الإيمان
هذا إن سلمنا بصحة القول فيها، فكيف وأكثر المسائل المطروحة على الساحة الآن لا تخلوا من خلاف فقهى
هلا وجهنا الاهتمام إلى الأمور الكبيرة والتى تتعلق بمستقبل الإسلام وسط هذه التحديات
إن العالم اليوم يتصارع ويتناحر ولا يتحد إلا على أمر واحد هو معاداة الإسلام، والنيل من رسول الله ـ ﷺ ـ
يا ليت شعرى هل يدرى المسلمون ماذا يدبر لهم ؟ !!!
إننى أتجرع كأس المرارة وأنا أخط هذه السطور وأشهد الله أن قلبى يبكى قبل عيناى على ما آل إليه وضع أمتنا اليوم
أيليق هذا بأمة قال الله فى حقها
﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾ ﴿واعتصموا بحبل الله جميع ولا تفرقوا﴾ ؟ ؟!!!
﴿إنما أشكو بثى وحزنى إلى الله﴾.
والله أعلم.