وهذا يرجع في الأصل إلى سبب ورود التكبير. ومما جاء في سبب وروده أن الوحي انقطع عن سيدنا رسول الله ﷺ فترة اختلف فيها كما هو مشهور فقال المشركون -زوراً وكذباً- إن محمداً قد ودعه ربه وقلاه فنزله -تكذيباً لهم- قوله تبارك وتعالى :﴿وَالضُّحَىا (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىا (٢)﴾ إلى آخر السورة فلما فرغ جبريل -عليه السلام- من قراءة سورة الضحى فقال رسول الله ﷺ :"الله أكبر" شكراً لله لما كذب المشركين وتصديقاً لما هو عليه وفرحاً وسروراً بنزول الوحي. وبالنعم التي عددها الله تعالى عليه في هذه السورة خصوصاً وعد الله تعالى له في قوله سبحانه :﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىا (٥)﴾ ثم أمر النبي ﷺ أن يكبر إذا بلغ والضحى مع خاتمة كل سورة حتى يختم تعظيماً لله تعالى واستحباباً للشكر وتعظيماً لختم القرآن الكريم. وقد قال العلماء في ذلك : فهل كان تكبيره ﷺ لختم قراءة جبريل فيكون لأولها. وهذا هو السبب في أن التكبير قد يكون لأول السورة وقد يكون لآخرها. ويمكن حمل تكبيره ﷺ على كلا التقديرين أي كون التكبير لآخر السورة أو لأولها وعلى ذلك يحمل كلام العلماء أهل الأداء في الأوجه الثلاثة المتقدمة المحتملة لكل التقديرين وقد قدمناه وسواء كان التكبير لأول الضحى أو لآخرها أو كان محتملاً لكلا القولين فهذا الحكم ليس خاصًّا بسورة الضحى وحدها بل ينسحب على سائر سور الختم بعدها فتأمل.
التنبيه الرابع : في منع وصل آخر السورة بالتكبير بالبسملة موقوفاً عليها يمتنع وصل آخر السورة السابقة بالتكبير بالبسملة مع الوقف عليها فهذا الوجه ممنوع بالإجماع لأن فيه إيهاماً بأن البسملة لآخر السورة لا لأولها وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى في باب البسملة وفي هذا يقول الحافظ ابن الجزري في الطيبة :