(والثاني) أن كلام ابن قتيبة لا يدل على أنهم اختلفوا في تفسير الحديث فإنه قال في آخر كتاب غريب الحديث له ما هذا نصه : جاء في الحديث (أفضل الأعمال الحال المرتحل) قيل ما الحال المرتحل؟ قال (الخاتم المفتتح) ثم قال ابن قتيبة بأثر هذا : الحال هو الخاتم للقرآن شبه برجل مسافر فسار حتى إذا بلغ المنزل حل به، كذلك تالى القرآن يتلوه حتى إذا بلغ آخره وقف عنده. والمرتحل المفتتح للقرآن شبه برجل أراد سفراً فافتتحه بالمسير، قال وقد يكون الخاتم المفتتح أيضاً في الجهاد وهو أن يغزو ويعقب، وكذلك الحال المرتحل يريد أن يصل ذال بهذا انتهى، وليس فيه حكاية اختلاف في تفسير هذا الحديث غايته أنه قال : وقد يكون الخاتم المفتتح. ولا تعلق لهذا الكلام بتفسير الحديث إذ قد قطع أولا بتفسيره على ما في الحديث، بل ساق الحديث أولا مفسراً من الحديث ثم زاد تفسيره بياناً وأنت ترى هذا عياناً.
(والثالث) إن قوله هذا ظاهر اللفظ يشير إلى تفسيره بتتابع الغزو وليس ظاهر اللفظ لو جرد من التفسير دالاً على تتابع الغزو بل يكون عاماً في كل من حل وارتحل من حج أو عمرة أو تجارة أو غير ذلك.
(والرابع) أن قوله وعلى ما أوله به القراء يكون مجازاً يدل على أن هذا التأويل مخصوص بالقراء وليس كذلك ولو قدر أن تفسيره ليس ثابتاً في الحديث فقد رأيت تفسير ابن قتيبة له وكذلك رواية الترمذي له في أبواب القراءة تدل قطعاً على أنه أراد هذا التأويل وكذلك أورده البيهقي الحافظ وغيره من الأئمة كأبي عبد الله الحليمي في قراءة القرآن وعدوا ذلك من آداب الختم.