وإذا نظر العاقل إلى دعاء الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه وكيف خضوعهم وخشوعهم وتأدبهم عرف كيف يسأل ربه عز وجل ؛ فمن دعاء آدم وحواء عليهما السلام :(ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) ونوح عليه السلام (رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين)، (أني مغلوب فانتصر) وموسى عليه السلام (تبت إليك وأنا أول المؤمنين)، (رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير) وزكريا عليه السلام (رب إني وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا) وأيوب عليه السلام (مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين) وإبراهيم عليه السلام لما قصد الدعاء (وإذا مرضت فهو يشفين) فأضاف الشفاء إلى الله تعالى دون المرض تأدباً. وفي صحيح مسلم أن النبي ﷺ وكان يدعو في الصلاة "اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت. أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً لا يغفر الذنوب إلا أنت وأهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت. واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك ولشر ليس إليك، أنا بك وإليك - تباركت وتعاليت، استغفرت وأتوب إليك) قال الخطابي رحمه الله : معنى والشر ليس إليك : الإرشاد إلى استعمال الأدب في الثناء على الله جل ذكره والمدح له بأن يضاف إليه محاسن الأمور دون مساويها ولم يقع القصد به إلى إثبات شيء وإدخاله تحت قدرته ونفي ضده عنها فإن الخير والشر صادران عن خلقه وقدرته لا موجد لشيء من الخلق وغيره وقد يضاف معاظم الخلقية إليه عند الدعاء والثناء فيقال يا رب السموات والأرضين كما يقال يا رب الأنبياء والمرسلين ولا يحسن أن يقال يا رب القردة والخنازير ونحوها من سفل الحيوانات وحشرات الأرض وإن كانت إضافة جميع الحيوانات إليه من جهة الخلقة لها والقدرة شاملة لجميع أصنافها. وقال مسلم بن يسار : لو كنت بين يدي ملك تطلب