والخطاب إما للنبي ـ ﷺ ـ أي ومن الناس من يظهر لك ما يعجبك من القول وهو الإيمان وحب الخير والإعراض عن الكفار، فيكون المراد بِ" مَن" المنافقين ومعظمهم من اليهود، وفيهم من المشركين أهل يثرب وهذا هو الأظهر عندي، أو طائفة معينة من المنافقين، وقيل : أريد به الأخنس بن شريف الثقفي واسمه أبي وكان مولى لبني زهرة من قريش وهم أخوال النبي ـ ﷺ ـ وكان يظهر المودة للنبيء ـ ﷺ ـ ولم ينضم إلى المشركين في واقعة بدر بل خنس أي تأخر عن الخروج معهم إلى بدر وكان له ثلاثمائة من بني زهرة أحلافه فصدهم عن الانضمام إلى المشركين فقيل : إنه كان يظهر الإسلام وهو منافق، وقال ابن عطية : لم يثبت أنه أسلم قط، ولكن كان يظهر الود للرسول فلما انقضت وقعة بدر قيل : إنه حرق زرعاً للمسلمين وقتل حميراً لهم فنزلت فيه هاته الآية ونزلت فيه أيضاً ﴿ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم﴾ ﴿القلم : ١٠، ١١ ] ونزلت فيه {ويل لكل همزة لمزة﴾ ﴿الهمزة : ١ ]، وقيل بل كانت بينه وبين قومه ثقيف عداوة فبيتهم ليلاً فأحرق زرعهم وقتل مواشيهم فنزلت فيه الآية وعلى هذا فتقريعه لأنه غدرهم وأفسد.
ويجوز أن الخطاب لغير معين ليعم كل مخاطب تحذيراً للمسلمين من أن تروج عليهم حيل المنافقين وتنبيه لهم إلى استطلاع أحوال الناس وذلك لا بد منه. أ هـ {التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢٦٦﴾