وثالثها : أن يكون هذا الخطاب واقعاً على أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بالنبي عليه السلام فقوله :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي بالكتاب المتقدم ﴿ادخلوا فِي السلم كَافَّةً﴾ أي أكملوا طاعتكم في الإيمان وذلك أن تؤمنوا بجميع أنبيائه وكتبه فادخلوا بإيمانكم بمحمد عليه السلام وبكتابه في السلم على التمام، ولا تتبعوا خطوات الشيطان في تحسينه عند الاقتصار على دين التوراة بسبب أنه دين اتفقوا كلهم على أنه حق بسبب أنه جاء في التوراة : تمسكوا بالسبت ما دامت السموات والأرض، وبالجملة فالمراد من خطوات الشيطان الشبهات التي يتمسكون بها في بقاء تلك الشريعة.
ورابعها : هذا الخطاب واقع على المسلمين ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ بالألسنة ﴿ادخلوا فِي السلم كَافَّةً﴾ أي دوموا على الإسلام فيما تستأنفونه من العمر ولا تخرجوا عنه ولا عن شيء من شرائعه ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ خطوات الشيطان﴾ أي ولا تلتفتوا إلى الشبهات التي تلقيها إليكم أصحاب الضلالة والغواية ومن قال بهذا التأويل قال : هذا الوجه متأكد بما قبل هذه الآية وبما بعدها، أما ما قبل هذه الآية فهو ما ذكر الله تعالى في صفة ذلك المنافق في قوله :﴿سعى فِى الأرض لِيُفْسِدَ فِيهَا﴾ وما ذكرنا هناك أن المراد منه إلقاء الشبهات إلى المسلمين، فكأنه تعالى قال : دوموا على إسلامكم ولا تتبعوا تلك الشبهات التي يذكرها المنافقون، وأما ما بعد هذه الآية فهو قوله تعالى :﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مّنَ الغمام﴾ ﴿البقرة : ٢١٠ ] يعني هؤلاء الكفار معاندون مصرون على الكفر قد أزيحت عللهم وهم لا يوقفون قولهم بهذا الدين الحق إلا على أمور باطلة مثل أن يأتيهم الله في ظل من الغمام والملائكة.
فإن قيل : الموقوف بالشيء يقال له : دم عليه، ولكن لا يقال له : ادخل فيه والمذكور في الآية هو قوله :{أَدْخِلُواْ ﴾
.


الصفحة التالية
Icon