وقوله :﴿ولا تتبعوا خطوات الشيطان﴾، تحذير مما يصدهم عن الدخول في السلم المأمور به بطريق النهي، عن خلاف المأمور به، وفائدته التنبيه على أن ما يصدر عن الدخول في السلم هو من مسالك الشيطان المعروفِ بأنه لا يشير بالخير، فهذا النهي إما أخص من المأمور به مع بيان علة الأمر إن كان المراد بالسلم غير شُعب الإسلام مثل أن يكون إشارة إلى ما خامر نفوس جمهورهم من كراهية إعطاء الدنية للمشركين بصلح الحديبية كما قال عُمر " ألسنا على الحق وعدونا على الباطل فلم نعطي الدَّنِيَّة في ديننا" وكما قال سهل بن حنيف يوم صفين " أيها الناس اتَّهِموا الرأي فلقد رأيتنا يوم أبي جندل ولو نستطيع أن نردّ على رسول الله فِعْلَه لفَعَلْنا والله ورسوله أعلم" بإعلامهم أن ما فعله رسول الله لا يكون إلاّ خيراً، كما قال أبو بكر لعمر إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبداً تنبيهاً لهم على أن ما خامر نفوسهم من كراهية الصلح هو من وساوس الشيطان، وإما لمجرد بيان علة الأمر بالدخول في السَّلم إن كان المراد بالسلم شعب الإسلام. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢٧٧﴾
قال الماوردى
واختلفوا فيمن أبان به عدوانه على قولين :
أحدهما : بامتناعه من السجود لآدم.
والثاني : بقوله :﴿لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ ﴿الإسراء : ٦٢ ]. أ هـ {النكت والعيون حـ ١ صـ ٢٦٨﴾
قوله تعالى :﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ فقال أبو مسلم الأصفهاني : إن مبين من صفات البليغ الذي يعرب عن ضميره، وأقول : الذي يدل على صحة هذا المعنى قوله :﴿حم والكتاب المبين﴾ {الزخرف : ١، الدخان : ١ ] ولا يعني بقوله مبيناً إلا ذلك.
فإن قيل : كيف يمكن وصف الشيطان بأنه مبين مع أنا لا نرى ذاته ولا نسمع كلامه.


الصفحة التالية
Icon