وقد قال لي أحد المهندسين : إننا نستطيع أن ننشئ بنياناً على ثلاثة أركان أو على أربعة أو على خمسة. فقلت له : ولكن حين تجعل البنيان على أربعة أركان، وتوزيع الأحمال والأثقال على أربعة أسسن هل يمكنك حين تنشئ أن تجعلها ثلاثة أركان فقط ؟. قال : لا. قلت : إذن فالبناء إنما ينشأ من البداية على الأسس التي تريدها، ولذلك فأنت توزع القوى على ثلاثة أو أربعة أو خمسة من البداية. والله سبحانه وتعالى شاء أن يجعل أسس الإسلام خمسة، وبعد ذلك يبني الإسلام، وحين يبني الإسلام فإياك أن تأخذ لبنة من الإسلام دون لبنة، بل يؤخذ الإسلام كله، فالضرر الواقع في العالم الإسلامي إنما هو ناتج من التلفيقات التي تحدث في العالم المسلم. تلك التلفيقات التي تحاول أن تأخذ بعضاً من الإسلام وتترك بعضا، وهذا هو السبب في التعب والضرر ؛ لأن الإسلام لابد أن يؤخذ كله مرة واحدة. إذن " ادخلوا في السلم كافة" يعني إياكم أن تتركوا حكماً من الأحكام. إن الذي يتعب المنتسبين إلى الدين الآن أننا نريد أن نلفق حياة إسلامية في بلاد تأخذ قوانينها من بلاد غير إسلامية.
إذن حتى ننجح في حياتنا، فلابد أن نأخذ الإسلام كله. وللأسف فإن كثيرا من حكام البلاد المسلمة لا يأخذون من الإسلام إلا آخر قوله تعالى :" أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" إنهم يأخذون " أولي الأمر منكم" ويتركون " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول". وأقوال : لماذا تأخذون الأخيرة وتتركون ما قبلها ؟ إن الله لم يجعل لولي الأمر طاعة مستقلة بل قال :" أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" ليدل على أن طاعة ولي الأمر من باطن طاعة الله وطاعة الرسول. فنحن لا نريد تلفيقاً في الإسلام، خذوه كاملاً، تستريحوا أنتم ونستريح نحن معكم.


الصفحة التالية
Icon