كن منسجما مع الزمن أيضا، لأن الزمن الذي يحدث فيه منك ما يخالف منهج الله سيلعنك هو والمكان، وإذا أردت أن تشيع سلامك في الكون فعليك كما علمك الرسول ﷺ أن تسالم كل الكون، وكان الرسول ﷺ يشيع السلام في الزمان والمكان، وعلى سبيل المثال كان ﷺ أكثر الناس صياما في شعبان، ولما سأله الصحابة عن هذا أخبرهم أن شعبان شهر يهمله الناس لأنه بين رجب، ـ وهو من الأشهر الحرم الأربعة ـ وبين رمضان، فأحب أن يحيى ذلك الشهر الذي يغفل عنه الناس، فكأن رسول الله ﷺ أراد أن يسعد الزمان بأن يشيع فيه لونا من العبادة فلا يجعله أقل من الأزمنة الأخرى.
كذلك الأمكنة تريد أن تسعد بك، فكل الأماكن تسعد بذكر الله فيها. والحق ـ سبحانه ـ بعد أن أمرنا جميعا بالدخول في السلم بافعل ولا تفعل، حذرنا من اتباع الشيطان لأنه هو الذي يعمل على إبعادنا عن منهج الله فقال جل شأنه :
﴿ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين﴾
(من الآية ٢٠٨ سورة البقرة)
ولماذا لا نتبع خطوات الشيطان ؟ لأن عداوته للإنسان عداوة مسبقة، وقف من آدم هذا الموقف، وبعد ذلك أقسم بعزة الله أن يغويكم جميعاً، وإذا كان الحق سبحانه وتعالى قد حكى لنا القصة فكأنه أعطانا المناعة، أي أن الشيطان لم يفاجئنا. وإنما وضع الحق أمامنا قصة الشيطان مع آدم واضحة جلية ليعطينا المناعة، بدليل أننا حين نريد أن نصون أجسامنا نجعل لأنفسنا مناعة قبل أن يأتي المرض، نطعم أنفسنا ضد شلل الأطفال، وضد الكوليرا، وضد كذا، وكذا، فكأن الله سبحانه وتعالى يذكر قصة الشيطان مع أبينا آدم ليقول لنا : لاحظوا أن عداوته مسبقة.


الصفحة التالية
Icon