ومادام له معكم عداوة مسبقة فلن يأخذكم على غرة ؛ لأن الله نبهكم لتلك المسألة مع الخلق الأول. والشيطان عندما يذكر في القرآن يراد به مرة عاصي الجن، لأن طائع الجن مثل طائع البشر تماما، ومرة يريد به شياطين الإنس. إذن من الجن شياطين، ومن الإنس شياطين.
وحتى تستطيع أن تفرق بين ما يزينه الشيطان وبين ما تزينه لك نفسك، فإن رأيت نفسك مصرا على معصية من لون واحد فاعلم أن السبب هو نفسك، لأن النفس تريدك عاصيا من لون يشبع نقصا فيها فهي تصر عليه : إنسان يحب المال فتتسلط عليه نفسه من جهة المال، وإنسان آخر يحب الجنس فتتسلط عليه نفسه من جهة النساء، وثالث يحب الفخر والمديح فتتسلط عليه نفسه من جهة من ينافقه. لكن الشيطان لا يصر على معصية بعينها، فإن رآك قد امتنعت عن معصية فهو يزين لك معصية أخرى ؛ لأنه يريدك عاصيا على أية جهة. والحق يحذرنا " ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين". وليس هناك عداوة أوضح من عداوة الشيطان بعد أن وقف من آدم وقال ما أورده الحق على لسانه :
لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)
(من الآية ٨٢، ٨٣ سورة ص)
ويقول الحق من بعد ذلك :
فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩) }.
﴿ فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩) ﴾


الصفحة التالية
Icon