إذن فالحق سبحانه وتعالى يعصمنا حين يشرع لنا، فالبشر يضيقون ذرعا بتقنينات أنفسهم لأنفسهم، فيحاولون أن يخففوا من خطأ التقنين البشري، فيقننوا أشياء يعدلون بها ما عندهم، ولو نظرت إلى ما عدلوه من قوانين لوجدته تعديلا يلتقي مع الإسلام أو يقترب من الإسلام. لقد سألوني في أمريكا : لماذا لم يظهر الإسلام فوق كل العقائد برغم أنكم تقولون : إن الله يقول في كتابه :" ليظهره على الدين كله". ومع ذلك لم يظهر دينكم على كل الأديان، ولم يزل كثير من الناس غير مسلمين سواء كانوا يهودا أو نصارى أو بلا دين ؟
قلت : لو فطنتم إلى قول الله :" ولو كره الكافرون" و" لو كره المشركون" لدلكم ذلك على أن ظهور الإسلام قد تم مع وجود كفار، وظهوره مع وجود مشركين، وإلا لو ظهر ولا شيء معه فممن يكره ؟ إن العقيدة التي يكرهها أهل الكفر هي التي تعزز وجود الإسلام. إذن " ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" يدل على أن ظهور الإسلام يعني وجود كافر ووجود مشرك كلاهما سيكون موجودا وسيكرهان انتشار الدين.
وعندما نرى أحداث الحياة تضطر البلاد الغربية عندما يجدون خطأ تقنينهم فيحاولون أن يعدلوا في التقنيات فلا يجدون تعديلا إلا أن يذهبوا إلى أحكام الإسلام، لكنهم لم يذهبوا إليه كدين إنما ذهبوا إليه كنظام، إن رجوعهم إلى الإسلام لدليل وتأكيد على صحة وسلامة أحكام الإسلام، لأنهم لو أخذوا تلك الأحكام كأحكام دين لقال غيرهم : قوم تعصبوا لدين أمنوا به فنفذوا أحكامه. ولكنهم برغم كرههم للدين، اضطروا لأن يأخذوا بتعاليمه، فكأنه لا حل عندهم إلا الأخذ بما ذهب إليه الإسلام.


الصفحة التالية
Icon