قال ابن عاشور :
حرف ( هل ) مفيد الاستفهام ومفيد التحقيق ويظهر أنه موضوع للاستفهام عن أمر يراد تحقيقه، فلذلك قال أئمة المعاني إن هل لطلب تحصيل نسبة حكمية تحصل في علم المستفهم وقال الزمخشري في " الكشاف" : إن أصل هل أنها مرادفة قد في الاستفهام خاصة، يعني قد التي للتحقيق وإنما اكتسبت إفادة الاستفهام من تقدير همزة الاستفهام معها كما دل عليه ظهور الهمزة في قول زيد الخيل
:... سائِلْ فوارسَ بَرْبُوع بِشِدَّتنا
أَهَلْ رَأَوْنَا بسَفَححِ القاع ذي الأَكَم... وقال في " المفصل" : وعن سيبويه أن هل بمعنى قد إلاّ أنهم تركوا الألف قبلها ؛ لأنها لا تقع إلاّ في الاستفهام اه. يعني أن همزة الاستفهام التزم حذفها للاستغناء عنها بملازمة هل للوقوع في الاستفهام، إذ لم يقل أحد أن هل ترد بمعنى قد مجردة عن الاستفهام فإن مواردها في كلام العرب وبالقرآن يبطل ذلك ونسب ذلك إلى الكسائي والفراء والمبرد في قوله تعالى :﴿هل أتى على الإنسان حين من الدهر﴾ {الإنسان : ١ ] ولعلهم أرادوا تفسير المعنى لا تفسير الإعراب ولا نعرف في كلام العرب اقتران هل بحرف الاستفهام إلاّ في هذا البيت ولا ينهض احتجاجهم به لإمكان تخريجه على أنه جمع بين حرفي استفهام على وجه التأكيد كما يؤكد الحرف في بعض الكلام كقول مسلم بن معبد الوالبيِّ
:... فلاَ والله لاَ يُلْقَى لما بي
ولا لِلِمَا بهم أبداً دَواء... فجمع بين لامي جر، وأيّاً ما كان فإن هل تمحضت لإفادة الاستفهام في جميع مواقعها، وسيأتي هذا في تفسير قوله تعالى :﴿هل أتى على الإنسان حين من الدهر﴾ في سورة الإنسان.


الصفحة التالية
Icon