وقوله تعالى :﴿في ظلل من الغمام﴾ أشد إشكالاً من إسناد الإتيان إلى الله تعالى لاقتضائه الظرفية، وهي مستحيلة على الله تعالى، وتأويله إما بأن ( في ) بمعنى الباء أي ﴿يأتيهم بظلل من الغمام﴾ وهي ظلل تحمل العذاب من الصواعق أو الريح العاصفة أو نحو ذلك إن كان العذاب دنيوياً، أو في ظلل من الغمام تشتمل على ما يدل على أمر الله تعالى أو عذابه ﴿وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركرم﴾ ﴿الطور : ٤٤ ] وكان رسول الله إذا رأى السحاب رئي في وجهه الخوف من أن يكون فيه عذاب، أو على كلامه تعالى، أو الحاجبة لأنوار يجعلها الله علامة للناس يوم القيامة على ابتداء فصل الحساب يدرك دلالتها أهل الموقف وبالانكشاف الوجداني، وفي " تفسير القرطبي والفخر" قيل : إن في الآية تقديماً وتأخيراً، وأصل الكلام أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام، فالغمام ظرف لإتيان الملائكة، وروي أن ابن مسعود قرأها كذلك، وهذه الوجوه كلها مبنية على أن هذا إخبار بأمر مستقبل، فأما على جعل ضمير {ينظرون﴾ مقصوداً به المنافقون من المشركين أو اليهود بأن يكون الكلام تهكماً أي ماذا ينتظرون في التباطؤ عن الدخول في الإسلام، ما ينتظرون إلاّ أن يأتيهم الله في أحوال اعتقدوها فيكلمهم ليدخلوا في الدين، فإنهم قالوا لموسى :﴿لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة﴾ {البقرة : ٥٥ ] واعتقدوا أن الله في الغمام، أو يكون المراد تعريضاً بالمشركين، وبعض التأويلات تقدمت مع تأويل الإتيان.


الصفحة التالية
Icon