ومن فوائد القاسمى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ هَلْ يَنظُرُونَ ﴾ أي : ينتظرون، فـ " نظر " ك " انتظر "، يقال : نظرته وانتظرته إذا ارتقبت حضوره. وهذا الاستفهام إنكاري في معنى النفي ؛ أي : ما ينتظرون بما يفعلون من العناد والمخالفة - في الامتثال بما أمروا به، والانتهاء عما نهوا عنه - بعد طول الحلم عنهم :﴿ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ ﴾ جمع ظلّة - كقلل في جمع قلة - أي : في ظلّة داخل ظلّة - وهي ما يستر من الشمس، فهي في غاية الإظلام والهول والمهابة لما لها من الكثافة التي تغم على الرائي ما فيها :﴿ وَالْمَلآئِكَةُ ﴾ عطف على الاسم الجليل، أي : ويأتي جنده الذين لا يعلم كثرتهم إلا هو. هذا على قراءة الجماعة. وعلى قراءة أبي جعفر بالخفض. فهو عطف على ظلل أو الغمام :﴿ وَقُضِيَ الأَمْرُ ﴾ أي : أتم أمر إهلاكهم وفرغ منه. قال الراغب : نبه به على أنه لا يمكن تلافي الفارط... وهو عطف على :﴿ يَأْتِيَهُمُ ﴾ داخل في حيز الانتظار. وإنما عدل إلى صيغة الماضي دلالة على تحققه، فكأنه قد كان. أو جملة مستأنفة جيء بها إنباء عن وقوع مضمونها ﴿ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ﴾. أي : فمن كانوا نافذي الملك والتصرف في الدنيا، فإن ملكهم وتصرفهم مسترد منهم يوم القيامة وراجع إليه تعالى. يقال : رجع الأمر إلى الأمير، أي : استرد ما كان فوضه إليهم. أو عنى بـ :﴿ الأمُورُ ﴾ الأرواح والأنفس دون الأجسام، وسماها أموراً من حيث إنها إبداعات مشار إليها بقوله :﴿ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْر ﴾ [ الأعراف : ٥٤ ]. فهي من الإبداع الذي لا يمكن من البشر تصوره ؛ فنبه أن الأرواح كلها مرجوعه إليه وراجعة. وعلى نحو ذلك قال :﴿ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾ [ الأعراف : ٢٩ ]. ويكون رجوعها إما بربح وغبطة، وإما بندامة وحسرة. قاله الإمام الراغب.


الصفحة التالية
Icon