( بصيرة فى الحرث )
وهو إِلقاءُ البَذْر فى الأَرض وتهيِئتها للزرع، ويسمى المحروث حَرْثا، قال تعالى ﴿أَنِ اغْدُواْ عَلَى حَرْثِكُمْ﴾ وتُصُوّر منه العمارة التى تحصل عنه فى قوله تعالى ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ الآية، والدّنيا مَحْرَث للناس وهم حُرّاث فيها. وفى الحديث " أَصدق الأَسماء الحارث والهمَّام" وذلك لتَصوُّر معنى الكسب فيه. وروى " احرث لدنياك كأَنَّك تعيش أَبداً" وتُصوّر [من] معنى الحرث معنى التّهييج فقِيل : حَرَثت النَّار. ويقال احُرث القرآن أَى أَكثر تلاوة. وفى حديث ابن مسعود : احرُثوا هذا القرآن أَى فَتِّشوه وتدبَّروه. وَحَرث ناقته إِذا استعملها. وقال معاوية للأَنصار : ما فعلتْ نواضحكم قالوا حرثناها يوم بدر. قال تعالى ﴿نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ﴾ وذلك على سبيل التشبيه. فالبنّساء زَرْع ما به بقاء نوع الإِنسان، كما أَن بالأَرض زرع ما به بقاءُ أَشخاصهم.
وقد ورد فى القرآن على ثلاثة أَوجه. الأَّول : بمعنى الزّرع المعهود ﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ﴾ ﴿وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ﴾ ﴿وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ﴾
الثانى بمعنى النساء ﴿فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ﴾
الثالث بمعنى منفعة الدّنيا وثواب الآخرة ﴿وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا﴾ أَى نفعها ﴿مَنْ كان يُريدُ حَرْثَ الآخِرةِ﴾ أَى ثوابها، قال :
*إِذا أَنت لم تحرث وأَبصرت حاصدا ندمت على التفريط فى زمن الحرث*
وأَصل الحرث كسب المال وجمعه يقال حرث يَحْرُث مثال كتب يكتب، وحرث يحرث مثال سمع يسمع. وحَرَث عصاه براها حيث يقع اليد عليه منها وجعل لها مِقْبَضا. والحرث المحَجّة المكدودة بالحوافر. أ هـ ﴿بصائر ذوى التمييز حـ ٢ صـ ٤٤٥ ـ ٤٤٦﴾