فائدة بلاغية
قال ابن عادل :
وفي قوله :" العِزَّةُ بالإِثْم " من عِلْمِ البديع التتميم وهو عبارةٌ عن إِرْداف الكلمةِ بأُخْرى، تَرْفَعُ عنها اللَّبسَ، وتقَرِّبُها مِنَ الفَهْم، وذلك أنَّ العزَّةَ تكونُ محمودةً ومَذمُومةً.
فَمِنْ مَجِيئها محمودةً :﴿وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ﴿المنافقون : ٨ ] {أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين﴾ ﴿المائدة : ٥٤ ] فلو أُطلِقَت لَتَوَهَّمَ فيها بعضُ مَنْ لا عنايةَ له المحمُودة ؛ فقيل :" بالإِثْمِ " تَتْمِيماً للمرادِ، فرُفِعَ اللَّبْسُ بها. أ هـ {تفسير ابن عادل حـ ٣ صـ ٤٦٥﴾
قوله :" بالإثم " أي : بالظلم وفي هذه الباءِ ثلاثةُ أوجهٍ :
أحدها : أنْ تكونَ للتعديةِ، وهو قول الزمخشري فإنه قال :" أَخَذْتُهُ بكذا إذا حَمَلْتهُ عليه، وأَلْزَمْتهُ إياه، أي : حَمَلتهُ العِزَّةُ على الإِثْم، وأَلْزَمَتْهُ ارتكابَه " قال أبو حيان :" وباء التعدية بابُها الفعلُ اللازمُ، نحو :﴿ذَهَبَ الله﴾ ﴿البقرة : ١٧ ]، {وَلَوْ شَآءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ﴾ {البقرة : ٢٠ ]، ونَدَرَتِ التعديةُ بالباءِ في المتعدِّي نحو :" صَكَكْتُ الحجرَ بالحجرِ " أي : جَعَلْتُ أَحدهما يَصُكُّ الآخرَ ".
الثاني : أَنْ تكونَ للسببيةِ، بمعنى أنَّ إثمّه كان سبباً لأخذِ العِزَّة له ؛ كما في قوله :{الرمل ]
أَخَذَتْهُ عِزَّةٌ مِنْ جَهْلِهِ... فَتَوَلَّى مُغْضَباً فِعْلَ الضَّجِرْ
فتكونُ الباءُ بمعنى اللام، فتقول : فعلت هذا بسببك، ولسببك، وعاقَبْتُه لجِنَايتهِ، وبجنايَتهِ.
الثالث : أن تكونَ للمصاحبة ؛ فتكونَ في محلِّ نصبٍ على الحالِن وفيها حينئذٍ وجهان :
أحدهما : أَنْ تكون حالاً مِنَ " العِزَّة " أي : مُلْتبسةً بالإِثمِ.
والثاني : أن تكونَ حالاً من المفعولِ، أي : أَخَذَتْهُ مُلْتبساً بالإِثمِ.