و " في يَوْمَيْنٍ " متعلِّق بـ " تَعَجَّلَ " ولا بدَّ من ارتكاب مجازٍ ؛ لأن الفعل الواقع في الظرف المعدود يستلزم أن يكون واقعاً في كلٍّ من معدوداته، تقول :" سِرْتُ يَوْمَيْنِ " لا بد وأن يكون السير وقع في الأول والثاني وبعض الثاني، وهنا لا يقع التعجيل في اليوم الأول من هذين اليومين بوجهٍ، ووجه المجاز : إمَّا من حيث إنَّه نسب الواقع في أحدهما واقعاً فيها ؛ كقوله :﴿ نَسِيَا حُوتَهُمَا ﴾ [ الكهف : ٦١ ] و﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾ [ الرحمن : ٢٢ ]، والنَّاسي أحدهما : وكذلك المخرج من أحدهما، وإمَّا من حيث حذف مضاف، أي : في تمام يومين أو كمالهما.
و" تَعَجَّلَ " يجوز أن يكون بمعنى " اسْتَعْجَلَ " كـ " تَكَبَّرَ، واسْتَكْبَرَ "، أو مطاوعاً لـ " عَجَّل " نحو " كَسَّرْتُه فَتَكَسَّرَ "، أو بمعنى المجرَّد، وهو " عِجِلَ "، قال الزمخشريُّ :" والمطاوعة أوفَقُ " ؛ لقوله :" ومَنْ تَأَخَّرَ " ؛ كما هي في قوله :[ البسيط ]
١٠٠٦ - قَدْ يُدْرِكُ الْمَتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ...
وَقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ
لأجل قوله " المُتَأَنِّي ".
و" تَعَجَّلَ واسْتَعْجَلَ " يكونان لازمين ومتعدِّييثن، ومتعلِّق التعجيل محذوف، فيجوز أن تقدِّره مفعولاً صريحاً، أي : من تعجَّل النَّفر، وأن تقدِّره مجروراً أي : بالنَّفر، حسب استعماله لازماً ومتعدِّياً.