وقال الراغب :" العَجَبُ حَيْرَةٌ تَعْرَضُ للإنسان عند الجهل بسبب الشَّيء، وليس هو شيئاً له في ذاته حالةً، بل هو بحسب الإضافات إلى من يعرف السَّبب ومن لا يعرفه، وحقيقة : أعجبني كذا : ظهر لي ظهوراً لم أعرف سببه "، ويقال : عجبت من كذا، قال القائل :[ الرجز ]
١٠٠٧ - عَجِبْتُ وَالدَّهْرُ كَثِيرٌ عَجَبُهْ...
مِنْ عَنَزِيَّ سَبَّنِي لَمْ أَضْرِبُهْ
قال بعض المفسِّرين : يقال في الاستحسان : أعجبني كذا، وفي الإنكار والكراهة : عجبت من كذا.
قوله :" في الحَيَاةِ " فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلق بـ " قَوْلُهُ "، أي : يعجبك ما يقوله في معنى الدنيا، أنَّ ادِّعاءه المحبة بالباطل يطلب حظّاً من الدنيا.
والثاني : أن يتعلَّق بـ " يُعْجِبُكَ "، أي : قوله حلوٌ فصيحٌ في الدُّنيا، فهو يعجبك ولا يعجبك في الآخرة، لما يرهقه في الموقف من الاحتباس واللُّكنة، أو لأنه لا يؤذن لهم في الكلام، قال أبو حيان :" والذي يظهر أنه متعلِّق بـ " يُعْجِبُكَ "، لا على المعنى الذي قاله الزمخشري، بل على معنى أنك تستحسن مقالته دائماً في مدَّة حياته ؛ إذ لا يصدر منه من القول إلا ما هو معجبٌ رائقٌ لطيفٌن فمقالته في الظاهر معجبة دائماً، لا تراه يعدل عن تلك المقالة الحسنة الرائعة إلى مقالةٍ منافيةٍط.
قوله :" وَيُشْهِدُ اللَّهَ " في هذه الجملة وجهان :
أظهرهما : أنها عطف على " يُعْجِبُكَ "، فهي صلة لا محلَّ لها من الإعراب، أو صفةٌ، فتكون في محلِّ رفع على حسب القولين في " مَنْ ".
والثاني : أن تكون حاليةً، وفي صاحبها حينئذً وجهان :
أحدهما : أنه الضمير المرفوع المستكن في " يُعْجِبُكَ ".
والثاني : أنه الضمير المجرور في " قَوْلُهُ "، تقديره : يعجبك أن يقول في أمر الدنيا، مقسماً على ذلك.
وفي جعلها حالاً نظر وجهين :
أحدهما : من جهة المعنى، فإنه يلزم منه أن يكون الإعجاب والقول مقيدين بحالٍ، والظاهر خلافه.


الصفحة التالية
Icon