والثاني : من جهة الصِّناعة وهو أنَّه مثبتٌ، فلا يقع حالاً إلا في شذوذٍ ؛ نحو :" قُمْتُ وَأَصُكُّ عَيْنَهُ " أو ضرورةً ؛ نحو :[ المتقارب ]
١٠٠٨ -......
نَجَوْتُ وَأَرْهَنُهُمْ مَالِكَا
وتقديره مبتدأً قبله على خلاف الأصل، أي : وهو يشهد.
والجمهور على ضمِّ حرف المضارعة وكسر الهاء، مأخوذاً من " أَشْهَدَ " ونصب الجلالة مفعولاً به، وقرأ أبو حيوة وابن محيصنٍ بفتحهما ورفع الجلالة فاعلاً.
قال القرطبيُّ - رحمه الله تعالى - ويؤيِّده قراءة ابن عباسٍ " واللَّهُ يَشْهَدُ عَلَى مَا في قَلْبِهِ ".
وقرأ أُبَيٌّ :" يَسْتَشْهِدُ اللَّهَ ".
فأمَّا قراءة الجمهور وتفسيرهم، فإن المعنى : يحلف بالله ويشهده أنّه صادقٌ، وقد جاءت الشهادة بمعنى القسم في آية اللِّعان، وقيل : فيكون اسم الله منتصباً على حذف حرف الجر، أي : يقسم بالله، قال شهاب الدين : وهذا سهوٌ من قائله ؛ لأنَّ المستعمل بمعنى القسم " شَهِدَ " الثلاثيٌّ، لا " أَشْهَدَ " الرباعيُّ، لا تقول : أُشْهِدُ بالله، بل : أَشْهَدُ بالله، فمعنى قراءة الجمهور : يطَّلع الله على ما في قلبه، ولا يعلم به أحدٌ، لشدة تكتُّمه.
وأمَّا تفسير الجمهور : فيحتاج إلى حذف ما يصحُّ به المعنى، تقديره : ويحلف بالله على خلاف ما في قلبه ؛ لأن الذي في قلبه هو الكفر، وهو لا يحلف عليه، إنما يحلف على ضدِّه، وهو الذي يعجب سامعه، ويقوِّي هذا التأويل قراءة أبي حيوة ؛ إذ معناها : ويطَّلع الله على ما قلبه من الكفر.
وأمَّا قراءة أُبيًّ : فيحتمل " استَفْعَلَ " وجهين :
أحدهما : أن يكون بمعنى " أَفْعَلَ " ؛ فيوافق قراءة الجمهور.
والثاني : أنه بمعنى المجرَّد وهو " شَهِدَ "، وتكون الجلالة منصوبةً على إسقاط الخافض.