قوله :﴿ وَهُوَ أَلَدُّ الخصام ﴾ الكلام في هذه الجملة كالتي قبلها، وهنا وجهٌ آخر، وهو أن تكون حالاً من الضمير في " يُشْهِدُ "، والألد : الشديد ؛ من اللَّدد، وهو شدة الخصوة ؛ قال :[ الخفيف ]
١٠٠٩ - إنَّ تَحْتَ التُّرَابِ عَزْماً وحَزْماً...
وَخَصِيماً أَلَدَّ ذَا مِغْلاَقِ
ويقال : لَدِدت بكسر العين ألَدُّ بفتحها، ولدَدته بفتح العين ألُدُّه بضمها أي : غلبته في ذلك، فيكون متعدياً، قال الشاعر :[ الرجز ]
١٠١٠ - تَلُدُّ أَقْرَانَ الرِّجَالِ اللُّدِّ...
تلدُّ أقران الرِّجال، معناه أنّه في أي وجه أخذ خصمه من اليمين أو الشمال في أبواب الخصومة غلبه.
ورجل ألدُّ وألنددٌ ويلنددٌ، وامرأةٌ لدَّاء، والجمع " لُدٌّ " كـ " حُمْرٍ ".
وفي اشتقاقه أقوالٌ : قال الزجَّاج : من لُديدَي العنق، وهما صفحتاه.
وقيل : من لديدي الوادي، وهما جانباه، سمِّيا بذلك ؛ لاعوجاجهما.
وقيل : هو من لدَّه إذا حبسه، فكأنه يحبس خصمه عن مفاوضته.
و" الخِصَامِ " فيه قولان :
أحدهما : قال الزجَّاج : وهو جمع خصمٍ بالفتح ؛ نحو : كعبٍ وكعابٍ، وكلبٍ وكلابٍ، وبحرٍ وبحارٍ، وعلى هذا فلا تحتاج على تأويل.
والثاني : قال الخليل وأبو عبيد إنه مصدر، يقال : خاصمَ خصاماً، نحو قاتلَ قتالاً، وعلى هذا فلا بد من مصحِّح لوقوعه خبراً عن الجثَّة، فقيل : في الكلام حذف من الأول، أي وخصامه أشدُّ الخصام، وجعل أبو البقاء " هو " ضمير المصدر الذي هو " قوله " فإنه قال : ويجوز أن يكون " هُوَ " ضمير المصدر الذي هو " قَوْلُهُ " وهو خصام، والتقدير : خصامه ألدُّ الخصام.


الصفحة التالية
Icon