قوله تعالى :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق الله ﴾ : هذه الجملةُ الشرطيةُ تحتملُ الوجهين المتقدِّمين في نظيرتها، أَعْني : كونها مستأنفةً، أو معطوفة على " يُعجِبُك "، وقد تقدَّم الخلافُ في الذي قام مقام الفاعل عند قوله :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ ﴾ [ البقرة : ١١ ].
قوله :" أخذَتْهُ العزَّةُ "، أي حملتُه العِزَّةُ وحَمِيَّةُ الجاهلية على الفعل.
قوله :" بالإثم " أي : بالظلم وفي هذه الباءِ ثلاثةُ أوجهٍ :
أحدها : أنْ تكونَ للتعديةِ، وهو قول الزمخشري فإنه قال :" أَخَذْتُهُ بكذا إذا حَمَلْتهُ عليه، وأَلْزَمْتهُ إياه، أي : حَمَلتهُ العِزَّةُ على الإِثْم، وأَلْزَمَتْهُ ارتكابَه " قال أبو حيان :" وباء التعدية بابُها الفعلُ اللازمُ، نحو :﴿ ذَهَبَ الله ﴾ [ البقرة : ١٧ ]، ﴿ وَلَوْ شَآءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ ﴾ [ البقرة : ٢٠ ]، ونَدَرَتِ التعديةُ بالباءِ في المتعدِّي نحو :" صَكَكْتُ الحجرَ بالحجرِ " أي : جَعَلْتُ أَحدهما يَصُكُّ الآخرَ ".
الثاني : أَنْ تكونَ للسببيةِ، بمعنى أنَّ إثمّه كان سبباً لأخذِ العِزَّة له ؛ كما في قوله :[ الرمل ]
١٠١٥ - أَخَذَتْهُ عِزَّةٌ مِنْ جَهْلِهِ...
فَتَوَلَّى مُغْضَباً فِعْلَ الضَّجِرْ
فتكونُ الباءُ بمعنى اللام، فتقول : فعلت هذا بسببك، ولسببك، وعاقَبْتُه لجِنَايتهِ، وبجنايَتهِ.
الثالث : أن تكونَ للمصاحبة ؛ فتكونَ في محلِّ نصبٍ على الحالِن وفيها حينئذٍ وجهان :
أحدهما : أَنْ تكون حالاً مِنَ " العِزَّة " أي : مُلْتبسةً بالإِثمِ.
والثاني : أن تكونَ حالاً من المفعولِ، أي : أَخَذَتْهُ مُلْتبساً بالإِثمِ.
قال القُرطبيُّ : وقيل :" الباءُ " بمعنى " مَعَ " أي : أخذته العِزَّةُ مع الإثم.


الصفحة التالية
Icon