الرابعة أن يكون إطلاع الناس مرجحا ومقويا لنشاطه ولو لم يكن لكان لا يترك العبادة ولو كان قصد الرياء وحده لما أقدم عليه فالذي نظنه والعلم عند الله أنه لا يحبط أصل الثواب ولكنه ينقص منه أو يعاقب على مقدار قصد الرياء ويثاب على مقدار قصد الثواب وأما قوله ؟ يقول الله تعالى أنا أغنى الأغنياء عن الشرك فهو محمول على ما إذا تساوى القصدان أو كان قصد الرياء أرجح
الركن الثاني المراءى به وهو الطاعات وذلك ينقسم إلى الرياء بأصول العبادات وإلى الرياء بأوصافها
القسم الأول وهو الأغلظ الرياء بالأصول وهو على ثلاث درجات
الأولى الرياء بأصل الإيمان وهذا أغلظ أبواب الرياء وصاحبه مخلد في النار وهو الذي يظهر كلمتي الشهادة وباطنه مشحون بالتكذيب ولكنه يرائي بظاهر الإسلام وهو الذي ذكره الله تعالى في كتابه في مواضع شتى كقوله عز وجل ) إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ( أي في دلالتهم بقولهم على ضمائرهم وقال تعالى ) ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ( الآية وقال تعالى ) وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ( وقال تعالى ) يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك ( والآيات فيهم كثيرة
وكان النفاق يكثر في ابتداء الإسلام ممن يدخل في ظاهر الإسلام ابتداء لغرض وذلك مما يقل في زماننا ولكن يكثر نفاق من ينسل عن الدين باطنا فيجحد الجنة والنار والدار الآخرة ميلا إلى قول الملحدة أو يعتقد على بساط الشرع والأحكام ميلا إلى أهل الإباحة أو يعتقد كفرا أو بدعة وهو يظهر خلافه فهؤلاء من المنافقين والمرائين المخلدين في النار وليس وراء هذا الرياء رياء وحال هؤلاء أشد حالا من الكفار المجاهرين فإنهم جمعوا بين كفر الباطن ونفاق الظاهر