وحصل من عموم ذلك تعليم المسلمين تاريخ أطوار الدين بين عصور البشر بكلمات جامعة ختمت بقوله :﴿فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه﴾ فإن كان المراد من كونهم أمة واحدة الوحدة في الخير والحق وهو المختار كما سيأتي فقد نبه الله أن الناس اختلفوا فبعث لهم أنبياء متفرقين لقصد تهيئة الناس للدخول في دين واحد عام، فالمناسبة حاصلة مع جملة ﴿ادخلوا في السلم كافة﴾ ﴿البقرة : ٢٠٨ ] بناء على أنها خطاب لأهل الكتاب أي ادخلوا في دين الإسلام الذي هدى الله به المسلمين. وإن كان المراد من كون الناس أمة واحدة الوحدة في الضلال والكفر يكون الله قد نبههم أن بعثة الرسل تقع لأجل إزالة الكفر والضلال الذي يحدث في قرون الجهالة، فكذلك انتهت تلك القرون إلى القرن الذي أعقبته بعثة محمد ـ ﷺ ـ فتكون الآية تثبيتاً للمؤمنين فالمناسبة حاصلة مع قوله :{زين للذين كفروا الحياة الدنيا﴾ ﴿البقرة : ٢١٢ ]. فالمعنى أن الإسلام هدى إلى شريعة تجمع الناس كلهم تبييناً لفضيلة هذا الدين واهتداء أهله إلى ما لم يهتد إليه غيرهم، مع الإشارة إلى أن ما تقدمه من الشرائع تمهيد له وتأنيس به كما سنبينه عند قوله :{فهدى الله الذين آمنوا ﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢٩٨ ـ ٢٩٩﴾


الصفحة التالية
Icon