القول الخامس : أن المراد من الناس ههنا أهل الكتاب ممن آمن بموسى عليه السلام، وذلك لأنا بينا أن هذه الآية متعلقة بما تقدم من قوله :﴿ياأيها الذين ءَامَنُواْ ادخلوا فِي السلم كَافَّةً﴾ ﴿البقرة : ٢٠٨ ] وذكرنا أن كثيراً من المفسرين زعموا أن تلك الآية نزلت في اليهود، فقوله تعالى :{كَانَ الناس أُمَّةً واحدة﴾ أي كان الذين آمنوا بموسى أمة واحدة، على دين واحد، ومذهب واحد، ثم اختلفوا بسبب البغي والحسد، فبعث الله النبيين، وهم الذين جاؤا بعد موسى عليه السلام وأنزل معهم الكتاب، كما بعث الزبور إلى داود، والتوراة إلى موسى، والإنجيل إلى عيسى، والفرقان إلى محمد عليه السلام لتكون تلك الكتب حاكمة عليهم في تلك الأشياء التي اختلفوا فيها، وهذا القول مطابق لنظم الآية وموافق لما قبلها ولما بعدها، وليس فيها إشكال إلا أن تخصيص لفظ الناس في قوله :﴿كَانَ الناس﴾ بقوم معينين خلاف الظاهر إلا أنك تعلم أن الألف واللام كما تكون للاستغراق فقد تكون أيضاً للعهد فهذا ما يتعلق بهذه الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٢ ـ ١٣﴾
وقال القرطبى :


الصفحة التالية
Icon