فقوله تعالى :﴿فبعث الله النبيئين﴾ هو على الوجه الأول مفرع على ما يؤذن به قوله :﴿كان الناس أمة واحدة﴾ مع تحقق وجود الخلاف بينهم بالمشاهدة من إرادة أن كونهم أمة واحدة دام مدة ثم انقضى، فيكون مفرعاً على جملة مقدرة تقديرها فاختلفوا فبعث الله النبيئين، وعلى الوجه الآخر مفرعاً على الكون أمة واحدة في الباطل فعلى الأول يكون أول النبيين المبعوثين نوحاً، لأنه أول الرسل لإصلاح الخلق. وعلى الثاني : يكون أولهم آدم بعث لبنيه لما قتل أحدهم أخاه ؛ فإن الظاهر أن آدم لم يبعث بشريعة لعدم الدواعي إلى ذلك، وإنما كان مرشداً كما يرشد المربي عائلته. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٠١﴾
فائدة
قال ابن عادل :
قد جاءت الأمة على خمسة أَوْجُهٍ :
الأوَّل :" الأُمَّةُ " المِلَّة، كهذه الآية، أي : مِلَّة واحدة، ومثله :﴿وَإِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ ﴿المؤمنون : ٥٢ ] أي : مِلتكُم.
الثاني : الأُمَّةُ الجماعة ؛ قال تعالى :{وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بالحق﴾
﴿الأعراف : ١٨١ ] أي : جماعةٌ. :
الثالث : الأُمَّةُ السنين ؛ قال تعالى :{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ﴾
﴿هود : ٨ ]، أي : إلى سنين معدودةٍ، ومثله " وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ " أي : بعد سنين.
الرابع : بمعنى إمامٍ يُعلِّمُ الخير ؛ قال تعالى :{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ﴾
﴿النحل : ١٢٠ ].
الخامس : الأُمَّةُ : إحدى الأُمم ؛ قال تعالى :{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾
﴿آل عمران : ١١٠ ]. أ هـ {تفسير ابن عادل حـ ٣ صـ ٥٠١﴾
قال القرطبى :


الصفحة التالية
Icon