والمراد بالنبيين هنا الرسل بقرينة قوله :﴿وأنزل معهم الكتاب بالحق﴾ والإرسال بالشرائع متوغل في القدم وقبله ظهور الشرط وهو أصل ظهور الفواحش لأن الاعتقاد الفاسد أصل ذميم الفعال، وقد عبد قوم نوح الأصنام، عبدوا ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا وهم يومئذٍ لم يزالوا في مواطن آدم وبنيه في ( جبال نوذ ) من بلاد الهند كما قيل، وفي البخاري عن ابن عباس أن ودّاً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً كانوا من صالحي قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت اه، وقيل كانوا من صالحي قوم آدم، وقيل إن سواعاً هو ابن شيث وأن يغوث ابن سواع ويعوق ابن سغوث ونسر بن يعوق، وقيل إنهم من صالحي عصر آدم ماتوا فنحت قابيل بن آدم لهم صوراً ثم عبدوهم بعد ثلاثة أجيال، وهذا كله زمن متوغل في القدم قبل التاريخ فلا يؤخذ إلاّ بمزيد الاحتراز، وأقدم شريعة أثبتها التاريخ شريعة برهمان في الهند فإنها تبتدىء من قبل القرن الثلاثين قبل الهجرة. وفي هذا العهد كانت في العراق شريعة عظيمة ببابل وضعها ملك بابل المدعو ( حَمُورَابي ) ويظن المؤرخون أنه كان معاصراً لإبراهيم عليه السلام وأنه المذكور في " سفر التكوين" باسم ( ملْكي صادق ) الذي لقي إبراهيم في شاليم وبارك إبراهيم ودعا له.
والبعث : الإرسال والإنهاض للمشي ومنه بعث البعير إذا أنهضه بعد أن برك والبعث هنا مجاز مستعمل في أمر الله النبي بتبليغ الشريعة للأمة.