قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿وَمَا اختلف فِيهِ إِلاَّ الذين أُوتُوهُ﴾ فالهاء الأولى راجعة إلى الحق والثانية : إلى الكتاب والتقدير : وما اختلف في الحق إلا الذين أوتوا الكتاب، ثم قال أكثر المفسرين : المراد بهؤلاء : اليهود والنصارى والله تعالى كثيراً ما يذكرهم في القرآن بهذا اللفظ كقوله :﴿وَطَعَامُ الذين أُوتُواْ الكتاب حِلٌّ لَّكُمْ﴾ ﴿المائدة : ٥ ] {قُلْ ياأهل تَعَالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ ﴿آل عمران : ٦٤ ] ثم المراد باختلافهم يحتمل أن يكون هو تكفير بعضهم بعضاً كقوله تعالى :{وَقَالَتِ اليهود لَيْسَتِ النصارى على شَىْءٍ وَقَالَتِ النصارى لَيْسَتِ اليهود على شَىْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الكتاب﴾ {البقرة : ١١٣ ] ويحتمل أن يكون اختلافهم تحريفهم وتبديلهم، فقوله :﴿وَمَا اختلف فِيهِ إِلاَّ الذين أُوتُوهُ﴾ أي وما اختلف في الحق إلا الذين أوتوا الكتاب مع أنه كان المقصود من إنزال الكتاب أن لا يختلفوا وأن يرفعوا المنازعة في الدين واعلم أن هذا يدل على أن الاختلاف في الحق لم يوجد إلا بعد بعثة الأنبياء وإنزال الكتب وذلك يوجب أن قبل بعثهم ما كان الاختلاف في الحق حاصلاً، بل كان الإتفاق في الحق حاصلاً وهو يدل على أن قوله تعالى :﴿كَانَ الناس أُمَّةً واحدة﴾ معناه أمة واحدة في دين الحق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٤﴾
وقال الواحدى :
﴿وما اختلف فيه إلاَّ الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً﴾ أَيْ : وما اختلفَ في أمر محمَّدٍ بعد وضوح الدّلالات لهم بغياً وحسداً إلاَّ اليهودُ الذين أوتوا الكتاب ؛ لأنَّ المشركين - وإن اختلفوا في أمر محمَّد عليه السَّلام - فإنَّهم لم يفعلوا ذلك للبغي، والحسد، ولم تأتهم البيِّنات في شأن محمَّد عليه السَّلام، كما أتت اليهود، فاليهود مخصوصون من هذا الوجه. أ هـ ﴿الوجيز للواحدى حـ ١ صـ ٥٦﴾