الجواب الثاني : أن السؤال ضربان : سؤال جدل، وحقه أن يطابقه جوابه. لا زائداً عليه ولا ناقصاً عنه. وسؤال تعلم، وحق المعلم أن يكون كالطبيب يتحرى شفاء سقيم، فيطلب ما يشفيه - طلبه المريض أو لم يطلب. فلما كان حاجتهم إلى من ينفق المال عليهم كحاجتهم إلى ما ينفق من المال، بين لهم الأمرين جميعاً. إن قيل : كيف خص هؤلاء النفر دون غيرهم.. ؟ قيل : إنما ذكر من ذكر على سبيل المثال لمن ينفق عليهم، لا على سبيل الحصر والاستيعاب، إذ أصناف المنفق عليهم على ما قد ذكر في غير هذا الموضع.
ولما بين تعالى وجه المصرف وفصّله هذا التفصيل الحسن الكامل، أردفه بالإجمال فقال :﴿ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ أي : وكل ما فعلتموه من خير - إما مع هؤلاء المذكورين وإما مع غيرهم - حسبة لله، وطلباً لجزيل ثوابه، وهرباً من أليم عقابه، فإن الله به عليم، والعليم مبالغة في كونه عالماً، يعني : لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء فيجازيكم أحسن الجزاء عليه، كما قال :﴿ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى ﴾ [ آل عِمْرَان : ١٩٥ ] وقال :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾ [ الزلزلة : ٧ ]. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٣ صـ ١٣٨ ـ ١٣٩﴾


الصفحة التالية
Icon