وجملة ﴿والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ تذييل للجميع، ومفعولا ﴿يعلم﴾ و﴿ تعلمون﴾ محذوفان دل عليهما ما قبله أي والله يعلم الخير والشر وأنتم لا تعلمونهما، لأن الله يعلم الأشياء على ما هي عليه والناس يشتبه عليهم العلم فيظنون الملائم نافعاً والمنافر ضاراً. والمقصود من هذا تعليم المسلمين تلقي أمر الله تعالى باعتقاد أنه الصلاح والخير، وأن ما لم تتبين لنا صفته من الأفعال المكلف بها نوقن بأن فيه صفة مناسبة لحكم الشرع فيه فتطلبها بقدر الإمكان عسى أن ندركها، لنفرع عليها ونقيس ويدخل تحت هذا مسائل مسالك العلة، لأن الله تعالى لا يجري أمره ونهيه إلا على وفق علمه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٢٢ ـ ٣٢٣﴾
فائدة
قال السعدى :
وهذه الآيات عامة مطردة، في أن أفعال الخير التي تكرهها النفوس لما فيها من المشقة أنها خير بلا شك، وأن أفعال الشر التي تحب النفوس لما تتوهمه فيها من الراحة واللذة فهي شر بلا شك.
وأما أحوال الدنيا، فليس الأمر مطردا، ولكن الغالب على العبد المؤمن، أنه إذا أحب أمرا من الأمور، فقيض الله [له] من الأسباب ما يصرفه عنه أنه خير له، فالأوفق له في ذلك، أن يشكر الله، ويجعل الخير في الواقع، لأنه يعلم أن الله تعالى أرحم بالعبد من نفسه، وأقدر على مصلحة عبده منه، وأعلم بمصلحته منه كما قال [تعالى :] ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره، سواء سرتكم أو ساءتكم. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ٩٦﴾