المسلمين وقوله :
﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر...
ويسألونك عن اليتامى﴾
﴿البقرة : ٢١٩، ٢٢٠ ] وثالثها : روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : ما رأيت قوماً كانوا خيراً من أصحاب رسول الله ـ ﷺ ـ ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض كلهن في القرآن منها {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشهر الحرام﴾.
والقول الثاني : أن هذا السؤال كان من الكفار قالوا : سألوا الرسول عليه الصلاة والسلام عن القتال في الشهر الحرام حتى لو أخبرهم بأنه حلال فتكوا به واستحلوا قتاله فيه فأنزل الله تعالى هذه الآية :﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشهر الحرام قِتَالٍ فِيهِ﴾ أي يسألونك عن قتال في الشهر الحرام ﴿قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ ولكن الصد عن سبيل الله وعن المسجد الحرام والكفر به أكبر من ذلك القتال ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يقاتلونكم حتى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ﴾ فبين تعالى أن غرضهم من هذا السؤال أن يقاتلوا المسلمين ثم أنزل الله تعالى بعده قوله :﴿الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قِصَاصٌ فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ﴾ ﴿البقرة : ١٩٤ ] فصرح في هذه الآية بأن القتال على سبيل الدفع جائز. أ هـ {مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٢٦ ـ ٢٧﴾
وقال ابن عاشور بعد أن ذكر ما يتعلق بسرية عبد الله بن جحش :
فإذا صح ذلك كان نزول هذه الآية قبل نزول آية ﴿كتب عليكم القتال وهو كره لكم﴾ ﴿البقرة : ٢١٦ ] وآية {وقاتلوا في سبيل الله الذي يقاتلونكم﴾ ﴿البقرة : ١٩٠ ] بمدة طويلة فلما نزلت الآيتان بعد هذه، كان وضعهما في التلاوة قبلها بتوقيف خاص لتكون هذه الآية إكمالاً لما اشتملت عليه الآيتان الأخريان، وهذا له نظائر في كثير من الآيات باعتبار النزول والتلاوة. والأظهر عندي أن هذه الآية نزلت بعد الآية التي قبلها وأنها تكملة وتأكيد لآية {الشهر الحرام بالشهر الحرام﴾ {البقرة : ١٩٤ ].


الصفحة التالية
Icon