والجواب الثاني : أنه تعالى أخبر عن الرسول والذين آمنوا أنهم قالوا قولاً ثم ذكر كلامين أحدهما :﴿متى نَصْرُ الله﴾ والثاني :﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ﴾ فوجب إسناد كل واحد من هذين الكلامين إلى واحد من ذينك المذكورين : فالذين آمنوا قالوا :﴿متى نَصْرُ الله﴾ والرسول ـ ﷺ ـ قال :﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ﴾ قالوا ولهذا نظير من القرآن والشعر، أما القرآن فقوله :
﴿ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ ﴿القصص : ٧٣ ] والمعنى : لتسكنوا في الليل ولتبتغوا من فضله في النهار، وأما من الشعر فقول امرىء القيس :
كأن قلوب الطير رطباًويابسا.. لدي وكرها العناب والحشف البالي
فالتشبيه بالعناب للرطب وبالحشف البالي لليابس، فهذا جواب ذكره قوم وهو متكلف جداً. أ هـ {مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٩ ـ ٢٠﴾

وقد استبعد الثعالبى القول الثانى كما فعل الفخر فقال :
، وقالتْ طائفةٌ : في الكلامِ تقديمٌ وتأخيرٌ، والتقديرُ : حتى يقول الذين آمنوا : متى نَصْرُ اللَّهِ، فيقولَ الرسولُ : ألا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قريبٌ، فقدم الرسولَ في الرتبة ؛ لمكانته، ثم قدم قول المؤمنين ؛ لأنه المتقدِّم في الزمان.
وهذا تحكُّم، وحمل الكلام على وجهه غيرُ متعذِّر، ويحتملُ أن يكون :﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ﴾ إِخباراً من اللَّه تعالى مؤتنفاً بعد تمام ذكْرِ القَوْل.
أهـ ﴿الجواهر الحسان حـ ١ صـ ١٦٥﴾
قال الآلوسى :


الصفحة التالية
Icon