الثاني : أن تفتر نفسه عن فضائل الأعمال ويقتصر على الفرائض فيرجى نفسه نعيم الله تعالى وما وعد به الصالحين حتى ينبعث من الرجاء نشاط العبادة فيقبل على الفضائل ويتذكر قوله تعالى " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " إلى قوله " أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " فالرجاء الأول : يقمع القنوط المانع من التوبة. الرجاء الثاني : يقمع الفتور المانع من النشاط والتشمر، فكل توقع حث على توبة أو على تشمر في العبادة فهو رجاء، وكل رجاء أوجب فتوراً في العبادة وركوناً إلى البطالة فهو غرة، كما إذا خطر له أن يترك الذنب ويشتغل بالعمل فيقول له الشيطان : مالك ولإيذاء نفسك وتعذيبها ولك رب كريم غفور رحيم ؟ فيفتر بذلك عن التوبة والعبادة فهو غرة، وعند هذا واجب على العبد أن يستعمل الخوف فيخوف نفسه بغضب الله وعظيم عقابه ويقول : إنه مع أنه غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، وإنه مع أنه كريم خلد الكفار في النار أبد الآباد، مع أنه لم يضره كفرهم، بل سلط العذاب والمحن والأمراض والعلل والفقر والجوع على جملة من عباده في الدنيا وهو قادر على إزالتها، فمن هذه سنته في عباده وقد خوفني عقابه فكيف لا أخافه وكيف أغتر به ؟


الصفحة التالية