وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَتَحَقَّقَ بِصِفَاتِ الْإِيمَانِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْكِتَابُ الْعَزِيزُ، وَيَعْلَمُ أَنَّ لِلْإِيمَانِ عَلَيْهِ حُقُوقًا عَامَّةً وَوَاجِبَاتٍ خَاصَّةً هُنَّ آيَاتُ الْإِيمَانِ وَثَمَرَاتُهُ فِي الْأَنْفُسِ وَالْأَعْمَالِ، وَبِهِنَّ يُؤَدِّي إِلَى غَايَتِهِ مِنْ سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، وَلَمْ يَسْلُبِ اللهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ تِلْكَ النِّعَمَ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى سَلَفِهَا بِقِيَامِهِمْ بِحُقُوقِ الْإِيمَانِ إِلَّا بَعْدَ التَّفْرِيطِ فِيهَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَيُمَنُّونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْجَنَّةِ بَدَلًا عَمَّا فَاتَهُمْ مِنَ السِّيَادَةِ وَالْعِزَّةِ غَافِلِينَ عَنِ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ الَّتِي تَفْرِضُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَعْمَالِ لِسَعَادَةِ الْآخِرَةِ أَكْثَرَ مِمَّا تَفْرِضُهُ عَلَيْهِمْ لِسَعَادَةِ الدُّنْيَا، وَإِنَّ فِي كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا مَا يَكْفِي لِاسْتِئْصَالِ جَرَاثِيمِ الْغُرُورِ وَالْأَمَانِيِّ، فَمَا بَالُكَ بِمَجْمُوعِهَا ! فَعَلَى الْمُسْلِمِ الْمُذْعِنِ أَنْ يَشْغَلَهُ تَطْبِيقُهَا عَلَى نَفْسِهِ عَنِ اشْتِغَالِهِ بِعُيُوبِ غَيْرِهِ، وَأَنْ يَتَعَاوَنَ مَعَ أَهْلِهَا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَيَهْجُرَ الرَّاغِبِينَ عَنْهَا غُرُورًا بِزِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.