" حَسب " هنا من أَخواتِ " ظنَّ "، تنصبُ مفعولين عند سيبويه، ومسدَّ الأول والثاني محذوفٌ عند الأخفش، كما تقدَّم، ومضارعها فيه الوجهان :
الفتحُ - وهو القياسُ - والكسرُ.
ولها نظائرُ من الأفعالِ تأتي إن شاء اللَّهُ تعالى في آخرِ السورةِ، ومعنها الظَّنُّ، وقد تستعملُ في اليقين ؛ قال :[ الطويل ]
١٠٣٩ - حَسِبْتُ التُّقَى وَالجُودَ خَيْرَ تِجَارَةٍ...
رَبَاحاً إِذَا مَا المَرْءُ أَصْبَحَ ثَاقِلاَ
ومصدرُها : الحُسْبان.
وتكون غير متعديةٍ، إذا كان معناها الشقرة، تقول : زيدٌ، أي : اشْقَرَّ، فهو أَحْسَبُ، أي : أَشْقَرُ.
قوله :" وَلَمَّا يَأْتِكمْ " الواو للحال، والجملة بعدها في محلِّ نصبٍ عليها، أي : غير آتيكم مثلهم.
و" لمَّا " حرف جزمٍ، معناه النفي ؛ كـ " لم "، وهو أبلغ من النفي بـ " لم " ؛ لأنَّها لا تنفي إلاَّ الزمان المتصل بزمان الحال.
والفرق بينها وبين " لم " من وجوهٍ :
أحدها : أنه قد يحذف الفعل بعدها في فصيح الكلام، إذ دلَّ عليه دليلٌ.
وهو أحسن ما تخرَّج عليه قراءة " وإِنْ كُلاًّ لَمَّا " كقوله :[ الوافر ]
١٠٤٠ - فَجئْتُ قُبُرَهُمْ بَدْءاً وَلَمَّا...
فَنَادَيْتُ الْقُبُورَ فَلَمْ تَجِبْنَهْ
أي : ولمَّا أكن بدءاً، أي : مبتدئاً ؛ بخلاف " لَمْ " فإنه لا يجوز ذلك فيها إلا ضرورة ؛ كقوله :[ الكامل ]
١٠٤١ - وَاحْفَظْ وَدِيعَتَكَ الَّتِي أُودِعْتَهَا...
يَوْمَ الأَعَازِب إِنْ وَصَلْتَ وَإِنْ لَمِ
ومنها : أنَّها لنفي الماضي المتصل بزمان الحال، و" لم " لنفيه مطلقاً أو منقطعاً على ما مرَّ.
ومنها : أنَّ " لَمَّا " لا تدخل على فعل شرطٍ، ولا جزاءٍ بخلاف " لم ".
ومنها أنّ " لَمْ " قد تلغى بخلاف " لَمَّا، فإنها لم يأتِ فيها ذلك، وباقي الكلام على ما يأتي إن شاء الله تعالى في سورة " الحُجُرَاتِ " عند قوله تعالى :﴿ وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان ﴾ [ الحجرات : ١٤ ].


الصفحة التالية
Icon